الْأَرْضِ). وقرأ ابن عامر بترك الاستفهام في الموضعين على أن الكلام خبر مستعمل في التهكم.
وتأكيد جملة (إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) بحرف إن لأنهم حكوا القول الذي تعجبوا منه وهو ما في القرآن من تأكيد تجديد الخلق فحكوه بالمعنى كما في الآية الأخرى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [سبأ : ٧] ، أي : يحقّق لكم ذلك.
و (إِذا) ظرف وهو معمول لما في جملة (إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) من معنى الكون. والخلق : مصدر. وفي للظرفية المجازية ومعناها المصاحبة.
والجديد : المحدث ، أي غير خلقنا الذي كنا فيه.
و (بَلْ) من (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) إضراب عن كلامهم ، أي ليس إنكارهم البعث للاستبعاد والاستحالة لأن دلائل إمكانه واضحة لكل متأمل ولكن الباعث على إنكارهم إياه هو كفرهم بلقاء الله ، أي كفرهم الذي تلقوه عن أئمتهم عن غير دليل ، فالمعنى : بل هم قد أيقنوا بانتفاء البعث فهم متعنّتون في الكفر مصرّون عليه لا تنفعهم الآيات والأدلة. فالكفر المثبت هنا كفر خاص وهو غير الكفر الذي دل عليه قولهم (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) فإنه كفر بلقاء الله لكنهم أظهروه في صورة الاستبعاد تشكيكا للمؤمنين وترويجا لكفرهم.
وتقديم المجرور على (كافِرُونَ) للرعاية على الفاصلة ، والإتيان بالجملة الاسمية لإفادة الدوام على كفرهم والثبات عليه.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١))
استئناف ابتدائي جار على طريقة حكاية المقاولات لأن جملة (قُلْ) في معنى جواب لقولهم (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [السجدة : ١٠] ؛ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يعيد إعلامهم بأنهم مبعوثون بعد الموت. فالمقصود من الجملة هو قوله (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) إذ هو مناط إنكارهم ، وأما إنهم يتوفّاهم ملك الموت فذكره لتذكيرهم بالموت وهم لا ينكرون ذلك ولكنهم ألهتهم الحياة الدنيا عن النظر في إمكان البعث والاستعداد له فذكروا به ثم أدمج فيه ذكر ملك الموت لزيادة التخويف من الموت والتعريض بالوعيد من قوله (الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) فإنه موكل بكل ميت بما يناسب معاملته عند