والناكس : الذي يجعل أعلى شيء إلى أسفل ، يقال : نكس رأسه ، إذا طأطأه لأنه كمن جعل أعلى الشيء إلى أسفل. ونكس الرءوس علامة الذلّ والندامة ، وذلك مما يلاقون من التقريع والإهانة.
والعندية عندية السلطة ، أي وهم في حكم ربهم لا يستطيعون محيدا عنه ، فشبه ذلك بالكون في مكان مختص بربهم في أنهم لا يفلتون منه.
وجملة (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) إلى آخرها مقول قول محذوف دلّ عليه السياق هو في موضع الحال ، أي ناكسو رءوسهم يقولون أو قائلين : أبصرنا وسمعنا ، وهم يقولون ذلك ندامة وإقرارا بأن ما توعدهم القرآن به حق.
وحذف مفعول (أَبْصَرْنا) ومفعول (سَمِعْنا) لدلالة المقام ، أي أبصرنا من الدلائل المبصرة ما يصدّق ما أخبرنا به ـ فقد رأوا البعث من القبور ورأوا ما يعامل به المكذبون ـ ، وسمعنا من أقوال الملائكة ما فيه تصديق الوعيد الذي توعدنا به ، أي : فعلمنا أن ما دعانا إليه الرسول هو الحق الذي به النجاة من العذاب فأرجعنا إلى الدنيا نعمل صالحا كما قالوا في موطن آخر (رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) [إبراهيم : ٤٤].
وقوله (إِنَّا مُوقِنُونَ) تعليل لتحقيق الوعد بالعمل الصالح بأنهم صاروا موقنين بحقية ما يدعوهم الرسول صلىاللهعليهوسلم إليه فكانت إن مغنية غناء فاء التفريع المفيدة للتعليل ، أي ما يمنعنا من تحقيق ما وعدنا به شك ولا تكذيب ، إنّا أيقنا الآن أن ما دعينا إليه حق. فاسم الفاعل في قوله (مُوقِنُونَ) واقع زمان الحال كما هو أصله.
(وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣))
اعتراض بين القول المقدر قبل قوله (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) [السجدة : ١٢] وبين الجواب عنه بقوله (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ) [السجدة : ١٤] فالواو التي في صدر الجملة اعتراضية ، وهي من قبيل واو الحال.
ومفعول فعل المشيئة محذوف على ما هو الغالب في فعل المشيئة الواقع شرطا استغناء عن المفعول بما يدل عليه جواب الشرط. والمعنى : لو شئنا لجبلنا كل نفس على الانسياق إلى الهدى بدون اختيار كما جبلت العجماوات على ما ألهمت إليه من نظام حياة