حَكِيماً) [الأحزاب : ١] تتميما للارتداع ، وعلل قوله (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) بقوله (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) [الأحزاب : ٢] تتميما ، وذيل قوله (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) بقوله (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) [الأحزاب : ٣] تقريرا وتوكيدا على منوال : فلان ينطق بالحق والحق أبلج ، وفصل قوله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [الأحزاب : ٤] على سبيل الاستئناف تنبيها على بعض من أباطيلهم. وقوله : (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) [الأحزاب : ٤] فذلكة لتلك الأحوال آذنت بأنها من البطلان وحقيق بأن يذم قائله. ووصل قوله (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [الأحزاب : ٤] على هذه الفذلكة بجامع التضاد على منوال ما سبق في المجمل في (وَلا تُطِعِ) و (اتَّبِعْ) ، وفصل قوله (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) وقوله النبي (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب : ٦] ، وهلم جرّا إلى آخر السورة تفصيلا لقول الحق والاهتداء إلى السبيل القويم ا ه.
(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
عطف على جملة (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) لأن الأمر فيها للوجوب فهو نهي عن ضده لتحريمه كأنه قيل : ولا تدعوهم للذين تبنوهم إلا خطأ.
والجناح : الإثم ، وهو صريح في أن الأمر في قوله (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) أمر وجوب.
ومعنى (فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) ما يجري على الألسنة خارجا مخرج الغالب فيما اعتادوه أن يقولوا : فلان ابن فلان للدّعي ومتبنيه ، ولذلك قابله بقوله (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) أي : ما تعمدته عقائدكم بالقصد والإرادة إليه. وبهذا تقرر إبطال حكم التبني وأن لا يقول أحد لدعيّه : هو ابني ، ولا يقول : تبنيت فلانا ، ولو قاله أحد لم يكن لقوله أثر ولا يعتبر وصية وإنما يعتبر قول الرجل : أنزلت فلانا منزلة ابن لي يرث ما يرثه ابني. وهذا هو المسمى بالتنزيل وهو خارج مخرج الوصية بمناب وارث إذا حمله ثلث الميت. وأما إذا قال لمن ليس بابنه : هو ابني ، على معنى الاستلحاق فيجري على حكمه إن كان المنسوب مجهول النسب ولم يكن الناسب مريدا التلطف والتقريب. وعند أبي حنيفة وأصحابه من قال : هو ابني ، وكان أصغر من القائل وكان مجهول النسب سنا ثبت نسبه منه ، وإن كان عبده عتق أيضا ، وإن كان لا يولد مثله لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عليه عند أبي حنيفة خلافا لصاحبيه فقالا : لا يعتق عليه. وأما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالقائل فإن كان عبدا يعتق عليه لأن إطلاقه ممنوع إلا من جهة النسب فلو قال لعبده : هو أخي ، لم