(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦))
(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ).
استئناف بياني أن قوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) [الأحزاب : ٤] وقوله (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) [الأحزاب : ٥] كان قد شمل في أول ما شمله في أول ما شمله إبطال بنوّة زيد بن حارثة للنبي صلىاللهعليهوسلم فكان بحيث يثير سؤالا في نفوس الناس عن مدى صلة المؤمنين بنبيئهم صلىاللهعليهوسلم وهل هي علاقة الأجانب من المؤمنين بعضهم ببعض سواء فلأجل تعليم المؤمنين حقوق النبي وحرمته جاءت هذه الآية مبينة أن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم. والمعنى : أنه أولى بكل مؤمن من أنفس المؤمنين. ومن تفضيلية.
ثم الظاهر أن الأنفس مراد بها جمع النفس وهي اللطيفة الإنسانية كقوله (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) [المائدة : ١١٦] ، وأن الجمع للتوزيع على كل مؤمن آيل إلى كل فرد من الأنفس ، أي : أن النبي أولى بكل مؤمن من نفس ذلك المؤمن ، أي : هو أشد ولاية ، أي : قربا لكل مؤمن من قرب نفسه إليه ، وهو قرب معنوي يراد به آثار القرب من محبة ونصرة. ف (أَوْلى) اسم تفضيل من الولي وهو القرب ، أي : أشد قربا. وهذا الاسم يتضمن معنى الأحقية بالشيء فيتعلق به متعلّقه ببناء المصاحبة والملابسة. والكلام على تقدير مضاف ، أي : أولى بمنافع المؤمنين أو بمصالح المؤمنين ، فهذا المضاف حذف لقصد تعميم كل شأن من شئون المؤمنين الصالحة.
والأنفس : الذوات ، أي : هو أحق بالتصرف في شئونهم من أنفسهم في تصرفهم في شئونهم. ومن هذا المعنى ما في الحديث الصحيح من قول عمر بن الخطاب للنبيصلىاللهعليهوسلم : «لأنت أحبّ إليّ من كل شيء إلّا من نفسي التي بين جنبيّ» فقال له النبيصلىاللهعليهوسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه. فقال عمر : والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحبّ إليّ من نفسي».
ويجوز أن يكون المراد بالأنفس مجموع نوعهم كقوله : (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [آل عمران : ١٦٤] ، ويجوز أن يكون المراد بالأنفس الناس. والمعنى : أنه أولى بالمؤمنين من ولاية بعضهم لبعض ، أي : من ولاية جميعهم لبعضهم على نحو قوله تعالى :