وهلما وهلمّوا وهلممن. وتقدم في قوله تعالى (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ) في سورة الأنعام [١٥٠]. والمعنى : انخذلوا عن جيش المسلمين وأقبلوا إلينا.
وجملة (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) كلام مستقل فيجوز أن تكون الجملة حالا من القائلين لإخوانهم (هَلُمَّ إِلَيْنا). ويجوز أن تكون عطفا على المعوّقين والقائلين لأن الفعل يعطف على المشتق كقوله تعالى (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ) [العاديات : ٣ ، ٤] وقوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ) [الحديد : ١٨] ، فالتقدير هنا : قد يعلم الله المعوّقين والقائلين وغير الآتين البأس ، أو والذين لا يأتون البأس. وليس في تعدية فعل العلم إلى (لا يَأْتُونَ) إشكال لأنه على تأويل كما أن عمل الناسخ في قوله (وَأَقْرَضُوا) [الحديد : ١٨] على تأويل ، أي : يعلم الله أنهم لا يأتون البأس إلا قليلا ، أي : يعلم أنهم لا يقصدون بجمع إخوانهم معهم الاعتضاد بهم في الحرب ولكن عزلهم عن القتال.
ومعنى (إِلَّا قَلِيلاً) إلا زمانا قليلا ، وهو زمان حضورهم مع المسلمين المرابطين ، وهذا كقوله (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء : ٤٦] ، أي : إيمانا ظاهرا ، ومثل قوله تعالى : (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) [الرعد : ٣٣]. و (قَلِيلاً) صفة لمصدر محذوف ، أي : إتيانا قليلا ، وقلّته تظهر في قلة زمانه وفي قلة غنائه.
و (الْبَأْسَ) : الحرب وتقدم في قوله تعالى ليحصنكم (مِنْ بَأْسِكُمْ) في سورة الأنبياء [٨٠]. وإتيان الحرب مراد به إتيان أهل الحرب أو موضعها. والمراد : البأس مع المسلمين ، أي : مكرا بالمسلمين لا جبنا.
و (أَشِحَّةً) جمع شحيح بوزن أفعلة على غير قياس وهو فصيح وقياسه أشحّاء. وضمير الخطاب في قوله (عَلَيْكُمْ) للرسول عليه الصلاة والسلام وللمسلمين ، وهو انتقال من القول الذي أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يقوله لهم إلى كشف أحوالهم للرسول والمسلمين بمناسبة الانتقال من الخطاب إلى الغيبة في قوله (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ). وتقدم الشح عند قوله تعالى (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) في سورة النساء [١٢٨].
و (أَشِحَّةً) حال من ضمير (يَأْتُونَ). والشحّ : البخل بما في الوسع مما ينفع الغير. وأصله : عدم بذل المال ، ويستعمل مجازا في منع المقدور من النصر أو الإعانة ، وهو يتعدّى إلى الشيء المبخول به بالباء وب (عَلَى) قال تعالى : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) ويتعدى إلى الشخص الممنوع ب (عَلَى) أيضا لما في الشحّ من معنى الاعتداء فتعديته في قوله تعالى (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) من التعدية إلى الممنوع.