والأنباء : جمع نبأ وهو : الخبر المهم ، وتقدم عند قوله تعالى (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) في سورة الأنعام [٣٤].
وقرأ الجمهور (يَسْئَلُونَ) ـ بسكون السين فهمزة ـ مضارع سأل. وقرأ رويس عن يعقوب يساءلون ـ بفتح السين مشددة وألف بعدها الهمزة ـ مضارع تساءل ، وأصله : يتساءلون أدغمت التاء في السين.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١))
بعد توبيخ المنافقين والذين في قلوبهم مرض أقبل الكلام على خطاب المؤمنين في عموم جماعتهم ثناء على ثباتهم وتأسّيهم بالرسول صلىاللهعليهوسلم على تفاوت درجاتهم في ذلك الائتساء ، فالكلام خبر ولكن اقترانه بحرفي التوكيد في (لَقَدْ) يومئ إلى تعريض بالتوبيخ للذين لم ينتفعوا بالأسوة الحسنة من المنافقين والذين في قلوبهم مرض فلذلك أتي بالضمير مجملا ابتداء من قوله (لَكُمْ) ، ثم فصّل بالبدل منه بقوله (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) ، أي : بخلاف لمن لم يكن كأولئك ، فاللام في قوله : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ) توكيد للام التي في المبدل منه مثل قوله تعالى (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) [المائدة : ١١٤] ، فمعنى هذه الآية قريب من معنى قوله تعالى في سورة براءة في قصة تبوك : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ* لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ) [التوبة : ٨٧ ، ٨٨] الآية.
والإسوة بكسر الهمزة وضمها اسم لما يؤتسى به ، أي : يقتدى به ويعمل مثل عمله.
وحق الأسوة أن يكون المؤتسى به هو القدوة ولذلك فحرف (فِي) جاء على أسلوب ما يسمى بالتجريد المفيد للمبالغة إذ يجرد من الموصوف بصفة موصوف مثله ليكون كذاتين ، كقول أبي خالد الخارجي :
وفي الرحمن للضعفاء كاف
أي الرحمن كاف. فالأصل : رسول الله إسوة ، فقيل : في رسول الله إسوة. وجعل متعلق الائتساء ذات الرسول صلىاللهعليهوسلم دون وصف خاص ليشمل الائتساء به في أقواله بامتثال أوامره واجتناب ما ينهى عنه ، والائتساء بأفعاله من الصبر والشجاعة والثبات. وقرأ الجمهور (أُسْوَةٌ) بكسر الهمزة. وقرأ عاصم بضم الهمزة وهما لغتان.