وجملة (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) حال ثانية. ولك أن تجعل جملة (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) استئنافا بيانيا لبيان موجب غيظهم.
و (كَفَى) بمعنى أغنى ، أي : أراحهم من كلفة القتال بأن صرف الأحزاب. و (كَفَى) بهذا المعنى تتعدى إلى مفعولين يقال : كفيتك مهمك وليست هي التي تزاد الباء في مفعولها فتلك بمعنى : حسب.
وفي قوله (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) حذف مضاف ، أي كلفة القتال ، أو أرزاء القتال ، فإن المؤمنين كانوا يومئذ بحاجة إلى توفير عددهم وعددهم بعد مصيبة يوم أحد ولو التقوا مع جيش المشركين لكانت أرزاؤهم كثيرة ولو انتصروا على المشركين.
والقول في إظهار اسم الجلالة في قوله (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) كالقول في (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ).
وجملة (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) تذييل لجملة (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) إلى آخرها.
والقوة : القدرة ، وقد تقدمت في قوله (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) في سورة [هود : ٨٠].
والعزة : العظمة والمنعة ، وتقدمت في قوله تعالى : (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) في سورة [البقرة : ٢٠٦].
وذكر فعل (كانَ) للدلالة على أن العزة والقوة وصفان ثابتان لله تعالى ، ومن تعلّقات قوته وعزته أن صرف ذلك الجيش العظيم خائبين مفتضحين وألقى بينه وبين أحلافه من قريظة الشك ، وأرسل عليهم الريح والقرّ ، وهدى نعيما بن مسعود الغطفاني إلى الإسلام دون أن يشعر قومه فاستطاع النصح للمسلمين بالكيد للمشركين. ذلك كله معجزة للنبي صلىاللهعليهوسلم.
[٢٦ ـ ٢٧] (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧))
كان يهود قريظة قد أعانوا الأحزاب وحاصروا المدينة معهم وكان حييّ بن أخطب من بني النضير منضما إليهم وهو الذي حرّض أبا سفيان على غزو المدينة. فلما صرف الله الأحزاب أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يغزو قريظة وهم فريق من اليهود يعرفون ببني قريظة وكانت منازلهم وحصونهم بالجنوب الشرقي من المدينة تعرف قريتهم باسمهم ، وكان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم