وأنصارهم. وتقديم المفعول في (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) للاهتمام بذكره لأن ذلك الفريق هم رجال القبيلة الذين بقتلهم يتم الاستيلاء على الأرض والأموال والأسرى ، ولذلك لم يقدم مفعول (تَأْسِرُونَ) إذ لا داعي إلى تقديمه فهو على أصله.
وقوله (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) أي : تنزلوا بها غزاة وهي أرض أخرى غير أرض قريظة وصفت بجملة (لَمْ تَطَؤُها) أي : لم تمشوا فيها. فقيل : إن الله بشرهم بأرض أخرى يرثونها من بعد. قال قتادة : كنا نحدث أنها مكة. وقال مقاتل وابن رومان : هي خيبر ، وقيل : أرض فارس والروم. وعلى هذه التفاسير يتعين أن يكون فعل (أَوْرَثَكُمْ) مستعملا في حقيقته ومجازه ؛ فأما في حقيقته فبالنسبة إلى مفعوله وهو (أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) ، وأما استعماله في مجازه فبالنسبة إلى تعديته إلى (أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) ، أي : أن يورثكم أرضا أخرى لم تطئوها ، من باب : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] أو يؤوّل فعل (أَوْرَثَكُمْ) بمعنى : قدّر أن يورّثكم. وأظهر هذه الأقوال أنها أرض خيبر فإن المسلمين فتحوها بعد غزوة قريظة بعام وشهر. ولعلّ المخاطبين بضمير (أَوْرَثَكُمْ) هم الذين فتحوا خيبر لم ينقص منهم أحد أو فقد منه القليل ولأن خيبر من أرض أهل الكتاب وهم ممن ظاهروا المشركين فيكون قصدها من قوله (وَأَرْضاً) مناسبا تمام المناسبة.
وفي التذييل بقوله (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) إيماء إلى البشارة بفتح عظيم يأتي من بعده.
وعندي : أن المراد بالأرض التي لم يطئوها أرض بني النضير وأن معنى (لَمْ تَطَؤُها) لم تفتحوها عنوة ، فإن الوطء يطلق على معنى الأخذ الشديد ، قال الحارث بن وعلة الذهلي :
وطئتنا وطئا على حنق |
|
وطء المقيّد نابت الهرم |
ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) [الفتح : ٢٥] ، فإن أرض بني النضير كانت مما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف.
[٢٨ ـ ٢٩] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩))
يستخلص مما ذكره ابن عطية رواية عن ابن الزبير ومما ذكره أبو حيان في «البحر