يسمعنه قولا بذيئا من باب : فليقل خيرا أو ليصمت. وبذلك تكون هذه الجملة بمنزلة التذييل.
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣))
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ).
هذا أمر خصّصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرا لهن ، وتقوية في حرمتهن ، فقرارهن في بيوتهن عبادة ، وأن نزول الوحي فيها وتردد النبي صلىاللهعليهوسلم في خلالها يكسبها حرمة. وقد كان المسلمون لما ضاق عليهم المسجد النبوي يصلّون الجمعة في بيوت أزواج النبيصلىاللهعليهوسلم كما في حديث «الموطأ». وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء.
وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر بفتح القاف. ووجهها أبو عبيدة عن الكسائي والفراء والزجاج بأنها لغة أهل الحجاز في قرّ بمعنى : أقام واستقرّ ، يقولون : قررت في المكان بكسر الراء من باب علم فيجيء مضارعه بفتح الراء فأصل قرن اقررن فحذفت الراء الأولى للتخفيف من التضعيف وألقيت حركتها على القاف نظير قولهم : أحسن بمعنى أحسن في قول أبي زبيد :
سوى أن الجياد من المطايا |
|
أحسن به فهن إليه شوس |
وأنكر المازني وأبو حاتم أن تكون هذه لغة ، وزعم أن قررت بكسر الراء في الماضي لا يرد إلا في معنى قرّة العين ، والقراءة حجة عليهما. والتزم النحاس قولهما وزعم أن تفسير الآية على هذه القراءة أنها من قرّة العين وأن المعنى : واقررن عيونا في بيوتكن ، أي لكنّ في بيوتكن قرّة عين فلا تتطلعن إلى ما جاوز ذلك ، أي فيكون كناية عن ملازمة بيوتهن.
وقرأ بقية العشرة (وَقَرْنَ) بكسر القاف. قال المبرد : هو من القرار ، أصله : اقررن بكسر الراء الأولى فحذفت تخفيفا ، وألقيت حركتها على القاف كما قالوا : ظلت ومست. وقال ابن عطية : يصح أن يكون قرن ، أي بكسر القاف أمرا من الوقار ، يقال : وقر فلان يقر ، والأمر منه قر للواحد ، وللنساء قرن مثل عدن ، أي فيكون كناية عن ملازمة بيوتهن