والتعريف في (الْبَيْتِ) تعريف العهد وهو بيت النبي صلىاللهعليهوسلم وبيوت النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة فالمراد بالبيت هنا بيت كل واحدة من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وكل بيت من تلك البيوت أهله النبي صلىاللهعليهوسلم وزوجه صاحبة ذلك ، ولذلك جاء بعده قوله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٤] ، وضميرا الخطاب موجهان إلى نساء النبيصلىاللهعليهوسلم على سنن الضمائر التي تقدمت. وإنما جيء بالضميرين بصيغة جمع المذكر على طريقة التغليب لاعتبار النبي صلىاللهعليهوسلم في هذا الخطاب لأنه رب كل بيت من بيوتهن وهو حاضر هذا الخطاب إذ هو مبلغه. وفي هذا التغليب إيماء إلى أن هذا التطهير لهنّ لأجل مقام النبيصلىاللهعليهوسلم لتكون قريناته مشابهات له في الزكاة والكمال ، كما قال الله تعالى : (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) [النور : ٢٦] يعني أزواج النبي للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو نظير قوله في قصة إبراهيم : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [هود : ٧٣] والمخاطب زوج إبراهيم وهو معها.
و (الرِّجْسَ) في الأصل : القذر الذي يلوّث الأبدان ، واستعير هنا للذنوب والنقائص الدينية لأنها تجعل عرض الإنسان في الدنيا والآخرة مرذولا مكروها كالجسم الملوّث بالقذر. وقد تقدم في قوله تعالى : (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) في سورة العقود [٩٠]. واستعير التطهير لضد ذلك وهو تجنيب الذنوب والنقائص كما يكون الجسم أو الثوب طاهرا.
واستعير الإذهاب للإنجاء والإبعاد.
وفي التعبير بالفعل المضارع دلالة على تجدد الإرادة واستمرارها ، وإذا أراد الله أمرا قدّره إذ لا رادّ لإرادته.
والمعنى : ما يريد الله لكنّ مما أمركن ونهاكن إلا عصمتكنّ من النقائص وتحليتكن بالكمالات ودوام ذلك ، أي لا يريد من ذلك مقتا لكنّ ولا نكاية. فالقصر قصر قلب كما قال تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) [المائدة : ٦]. وهذا وجه مجيء صيغة القصر ب (إِنَّما). والآية تقتضي أن الله عصم أزواج نبيئهصلىاللهعليهوسلم من ارتكاب الكبائر وزكى نفوسهن.
و (أَهْلَ الْبَيْتِ) : أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحدا شك في ذلك ، ولم يفهم منها أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم والتابعون إلا أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هن المراد بذلك وأن النزول في شأنهنّ.