ألذّ عنده من أشد اللذات ملازمة له.
وأما حفظ الفروج فلأن شهوة الفرج شهوة جبلية ، وهي في الرجل أشد ، وقد أثنى الله على الأنبياء بذلك فقال في يحيى (وَحَصُوراً) [آل عمران : ٣٩] وقال في مريم (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) [الأنبياء : ٩١] ، وهذا الحفظ له حدود سنتها الشريعة ، فالمراد : حفظ الفروج عن أن تستعمل فيما نهي عنه شرعا ، وليس المراد : حفظها عن الاستعمال أصلا وهو الرهبنة ، فإن الرهبنة مدحوضة في الإسلام بأدلة متواترة المعنى.
وأما (الذاكرون والذاكرات) فهو وصف صالح لأن يكون من الذّكر بكسر الذال وهو ذكر اللسان كالذي في قوله : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [البقرة : ١٥٢] وقوله في الحديث : «ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» ، ومن الذّكر بضمها كما تقدم آنفا في قوله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٤] ، والذي في قوله : (ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٣٥].
ومفعول و (الْحافِظاتِ) محذوف دل عليه ما قبله من قوله : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ) ، وكذلك مفعول و (الذَّاكِراتِ).
وقد اشتملت هذه الخصال العشر على جوامع فصول الشريعة كلها.
فالإسلام : يجمع قواعد الدين الخمس المفروضة التي هي أعمال ، والإيمان يجمع الاعتقادات القلبية المفروضة وهو شرط أعمال الإسلام كلها ، قال تعالى : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧].
والقنوت : يجمع الطاعات كلّها مفروضها ومسنونها ، وترك المنهيات والإقلاع عنها ممن هو مرتكبها ، وهو معنى التوبة ، فالقنوت هو تمام الطاعة ، فهو مساو للتقوى. فهذه جوامع شرائع المكلفين في أنفسهم.
والصدق : يجمع كلّ عمل هو من موافقة القول والفعل للواقع في القضاء والشهادة والعقود والالتزامات وفي المعاملات بالوفاء بها وترك الخيانة ، ومطابقة الظاهر للباطن في المراتب كلّها. ومن الصدق صدق الأفعال.
والصبر : جامع لما يختص بتحمل المشاقّ من الأعمال كالجهاد والحسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومناصحة المسلمين وتحمل الأذى في الله ، وهو خلق عظيم هو مفتاح أبواب محامد الأخلاق والآداب والإنصاف من النفس.