سورة أخرى لم نقف على تعيينه ولا تعيين السورة التي كانت الآية فيها ، وهو عطف جملة على جملة لمناسبة بينهما.
وروي عن جابر بن زيد أن سبب نزول هذه الآية : أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت أول من هاجرن من النساء وأنها وهبت نفسها للنبي صلىاللهعليهوسلم فزوجها من زيد بن حارثة ، بعد أن طلق زيد زينب بنت جحش كما سيأتي قريبا ، فكرهت هي وأخوها ذلك وقالت : إنما أردت رسول الله فزوجني عبده ثم رضيت هي وأخوها بعد نزول الآية.
والمناسبة تعقيب الثناء على أهل خصال هي من طاعة الله ، بإيجاب طاعة الله والرسول صلىاللهعليهوسلم ، فلما أعقب ذلك بما في الاتصاف بما هو من أمر الله مما يكسب موعوده من المغفرة والأجر ، وسوّى في ذلك بين الرجال والنساء ، أعقبه ببيان أن طاعة الرسولصلىاللهعليهوسلم فيما يأمر به ويعتزم الأمر هي طاعة واجبة وأنها ملحقة بطاعة الله وأن صنفي الناس الذكور والنساء في ذلك سواء كما كانا سواء في الأحكام الماضية.
وإقحام (كانَ) في النفي أقوى دلالة على انتفاء الحكم لأن فعل (كانَ) لدلالته على الكون ، أي الوجود يقتضي نفيه انتفاء الكون الخاص برمته كما تقدم غير مرة.
والمصدر المستفاد من أن تكون (لَهُمُ الْخِيَرَةُ) في محل رفع اسم (كانَ) المنفية وهي (كانَ) التامة.
وقضاء الأمر تبيينه والإعلام به ، قال تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر : ٦٦].
ومعنى (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ) إذا عزم أمره ولم يجعل للمأمور خيارا في الامتثال ، فهذا الأمر هو الذي يجب على المؤمنين امتثاله احترازا من نحو قوله للذين وجدهم يأبرون نخلهم : «لو تركتموها لصلحت ثم قالوا تركناها فلم تصلح فقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم». ومن نحو ما تقدم في أول هذه السورة من همه بمصالحة الأحزاب على نصف ثمر المدينة ثم رجوعه عن ذلك لما استشار السعدين ، ومن نحو أمره يوم بدر ، بالنزول بأدنى ماء من بدر فقال له الحباب بن المنذر : أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال : «بل هو الرأي والحرب والمكيدة». قال : فإنّ هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغوّر ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماء فنشرب ولا يشربوا. فقال