وقرأ الجمهور وخاتم النبيئين بكسر تاء (خاتَمَ) على أنه اسم فاعل من ختم. وقرأ عاصم بفتح التاء على تشبيهه بالخاتم الذي يختم به المكتوب في أن ظهوره كان غلقا للنبوءة.
[٤١ ، ٤٢] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢))
إقبال على مخاطبة المؤمنين بأن يشغلوا ألسنتهم بذكر الله وتسبيحه ، أي أن يمسكوا عن مماراة المنافقين أو عن سبّهم فيما يرجفون به في قضية تزوج زينب فأمر المؤمنين أن يعتاضوا عن ذلك بذكر الله وتسبيحه خيرا لهم ، وهذا كقوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) [البقرة : ٢٠٠] ، أي خير من التفاخر بذكر آبائكم وأحسابكم ، فذلك أنفع لهم وأبعد عن أن تثور بين المسلمين والمنافقين ثائرة فتنة في المدينة ، فهذا من نحو قوله لنبيّه (وَدَعْ أَذاهُمْ) [الأحزاب : ٤٨] ومن نحو قوله : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام : ١٠٨] ، فأمروا بتشغيل ألسنتهم وأوقاتهم بما يعود بنفعهم وتجنب ما عسى أن يوقع في مضرة.
وفيه تسجيل على المنافقين بأن خوضهم في ذلك بعد هذه الآية علامة على النفاق لأن المؤمنين لا يخالفون أمر ربهم.
والجملة استئناف ابتدائي متصل بما قبله للمناسبة التي أشرنا إليها.
والذكر : ذكر اللسان وهو المناسب لموقع الآية بما قبلها وبعدها.
والتسبيح : يجوز أن يراد به الصلوات النوافل فليس عطف (وَسَبِّحُوهُ) على (اذْكُرُوا اللهَ) من عطف الخاص على العام.
ويجوز أن يكون المأمور به من التسبيح قول : سبحان الله ، فيكون عطف (وَسَبِّحُوهُ) على (اذْكُرُوا اللهَ) من عطف الخاص على العام اهتماما بالخاص لأن معنى التسبيح التنزيه عما لا يجوز على الله من النقائص فهو من أكمل الذكر لاشتماله على جوامع الثناء والتمجيد ، ولأن في التسبيح إيماء إلى التبرؤ مما يقوله المنافقون في حقّ النبيصلىاللهعليهوسلم فيكون في معنى قوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٦] فإن كلمة : سبحان الله ، يكثر أن تقال في مقام