الله المؤمنين يومئذ بالتحية كرامة لهم.
وجملة (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) حال من ضمير الجلالة ، أي يحييهم يوم يلقونه وقد أعد لهم أجرا كريما. والمعنى : ومن رحمته بهم أن بدأهم بما فيه بشارة بالسلامة وقد أعدّ لهم أجرا كريما إتماما لرحمته بهم.
والأجر : الثواب. والكريم : النفيس في نوعه ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) في سورة النمل [٢٩]. والأجر الكريم : نعيم الجنة.
[٤٥ ـ ٤٦] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦))
هذا النداء الثالث للنبي صلىاللهعليهوسلم فإن الله لما أبلغه بالنداء الأول ما هو متعلق بذاته ، وبالنداء الثاني ما هو متعلق بأزواجه وما تخلل ذلك من التكليف والتذكير ، ناداه بأوصاف أودعها سبحانه فيه للتنويه بشأنه ، وزيادة رفعة مقداره وبين له أركان رسالته ، فهذا الغرض هو وصف تعلقات رسالته بأحوال أمته وأحوال الأمم السالفة.
وذكر له هنا خمسة أوصاف هي : شاهد. ومبشّر. ونذير. وداع إلى الله. وسراج منير. فهذه الأوصاف ينطوي إليها وتنطوي على مجامع الرسالة المحمدية فلذلك اقتصر عليها من بين أوصافه الكثيرة.
والشاهد : المخبر عن حجة المدعي المحقّ ودفع دعوى المبطل ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم شاهد بصحة ما هو صحيح من الشرائع وبقاء ما هو صالح للبقاء منها ويشهد ببطلان ما ألصق بها وبنسخ ما لا ينبغي بقاؤه من أحكامها بما أخبر عنهم في القرآن والسنة ، قال تعالى : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المائدة : ٤٨]. وفي حديث الحشر:«يسأل كل رسول هل بلّغ؟ فيقول : نعم. فيقول الله : من يشهد لك؟ فيقول : محمد وأمته» ... الحديث.
ومحمد صلىاللهعليهوسلم شاهد أيضا على أمته بمراقبة جريهم على الشريعة في حياته وشاهد عليهم في عرصات القيامة ، قال تعالى : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١] فهو شاهد على المستجيبين لدعوته وعلى المعرضين عنها ، وعلى من استجاب للدعوة ثم بدّل. وفي حديث الحوض : «ليردنّ عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى إذا رأيتهم وعرفتهم