جملة معترضة بين جملة (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وبين قوله : (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أو هي حال سببي من المؤمنين ، أي حال كونهم قد علمنا ما نفرض عليهم.
والمعنى : أن المؤمنين مستمر ما شرع لهم من قبل في أحكام الأزواج وما ملكت أيمانهم ، فلا يشملهم ما عيّن لك من الأحكام الخاصة المشروعة فيما تقدم آنفا ، أي قد علمنا أن ما فرضناه عليهم في ذلك هو اللائق بحال عموم الأمة دون ما فرضناه لك خاصة.
و (ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) موصول وصلته ، وتعدية (فَرَضْنا) بحرف (على) المقتضي للتكليف والإيجاب للإشارة إلى أن من شرائع أزواجهم وما ملكت أيمانهم ما يودّون أن يخفف عنهم مثل عدد الزوجات وإيجاب المهور والنفقات ، فإذا سمعوا ما خص به النبيصلىاللهعليهوسلم من التوسعة في تلك الأحكام ودّوا أن يلحقوا به في ذلك ، فسجل الله عليهم أنهم باقون على ما سبق شرعه لهم في ذلك ، والإخبار بأن الله قد علم ذلك كناية عن بقاء تلك الأحكام لأن معناه أنّا لم نغفل عن ذلك ، أي لم نبطله بل عن علم خصصنا نبيئنا بما خصصناه به في ذلك الشأن ، فلا يشمل ما أحللناه له بقية المؤمنين.
وظرفية (فِي) مجازية لأن المظروف هو الأحكام الشرعية لا ذوات الأزواج وذوات ما ملكته الأيمان.
(لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
تعليل لما شرعه الله تعالى في حق نبيئه صلىاللهعليهوسلم في الآيات السابقة من التوسعة بالازدياد من عدد الأزواج وتزوج الواهبات أنفسهن دون مهر ، وجعل قبول هبتها موكولا لإرادته ، وبما أبقى له من مساواته أمته فيما عدا ذلك من الإباحة فلم يضيّق عليه ، وهذا تعليم وامتنان.
والحرج : الضيق ، والمراد هنا أدنى الحرج ، وهو ما في التكليف من بعض الحرج الذي لا تخلو عنه التكاليف ، وأما الحرج القوي فمنفي عنه وعن أمته. ومراتب الحرج متفاوتة ، ومناط ما ينفى عن الأمة منها وما لا ينفى ، وتقديرات أحوال انتفاء بعضها للضرورة هو ميزان التكليف الشرعي فالله أعلم بمراتبها وأعلم بمقدار تحرج عباده وذلك مبين في مسائل العزيمة والرخصة من علم الأصول ، وقد حرر ملّاكه شهاب الدين القرافي في الفرق الرابع عشر من كتابه «أنواء البروق». وقد أشبعنا القول في تحقيق ذلك في كتابنا