النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يرد عنه إلا بصيغة إنشاء السلام مثل ما في التحية ، ولكنهم تسامحوا في حالة الاقتران بين التصلية والتسليم فقالوا : صلىاللهعليهوسلم ، لقصد الاختصار فيما نرى. وقد استمر عليه عمل الناس من أهل العلم والفضل. وفي حديث أسماء بنت أبي بكر المتقدم أنها قالت : «صلى الله على محمد وسلّم».
ومعنى تسليم الله عليه إكرامه وتعظيمه فإن السلام كناية عن ذلك.
وقد استحسن أئمة السلف أن يجعل الدعاء بالصلاة مخصوصا بالنبيء صلىاللهعليهوسلم. وعن مالك : لا يصلّى على غير نبيئنا من الأنبياء. يريد أن تلك هي السنة ، وروي مثله عن ابن عباس ، وروي عن عمر بن عبد العزيز : أن الصلاة خاصة بالنبيئين كلهم.
وأما التسليم في الغيبة فمقصور عليه وعلى الأنبياء والملائكة لا يشركهم فيه غيرهم من عباد الله الصالحين لقوله تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) [الصافات : ٧٩] ، وقوله : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [الصافات : ١٣٠] ، (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) [الصافات : ١٢٠] ، (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) [الصافات : ١٠٩].
وأنه يجوز اتباع آلهم وأصحابهم وصالحي المؤمنين إياهم في ذلك دون استقلال. هذا الذي استقر عليه اصطلاح أهل السنة ولم يقصدوا بذلك تحريما ولكنه اصطلاح وتمييز لمراتب رجال الدين ، كما قصروا الرضى على الأصحاب وأئمة الدين ، وقصروا كلمات الإجلال نحو : تبارك وتعالى ، وجل جلاله ، على الخالق دون الأنبياء والرسل.
وأما الشيعة فإنهم يذكرون التسليم على عليّ وفاطمة وآلهما ، وهو مخالف لعمل السلف فلا ينبغي اتباعهم فيه لأنهم قصدوا به الغضّ من الخلفاء والصحابة.
وانتصب (تَسْلِيماً) على أنه مصدر مؤكد ل (سَلِّمُوا) وإنما لم يؤكد الأمر بالصلاة عليه بمصدر فيقال : صلّوا عليه صلاة ، لأن الصلاة غلب إطلاقها على معنى الاسم دون المصدر ، وقياس المصدر التصلية ولم يستعمل في الكلام لأنه اشتهر في الإحراق ، قال تعالى : (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) [الواقعة : ٩٤] ، على أن الأمر بالصلاة عليه قد حصل تأكيده بالمعنى لا بالتأكيد الاصطلاحي فإن التمهيد له بقوله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى) النبي مشير إلى التحريض على الاقتداء بشأن الله وملائكته.
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧))