والذين يتفكرون : المؤمنون وأهل الرأي من المشركين الذين يؤمنون بعد نزول هذه الآية. والخطاب في قوله (أَنْ خَلَقَ لَكُمْ) لجميع نوع الإنسان الذكور والإناث.
والزوج : هو الذي به يصير للواحد ثان فيطلق على امرأة الرجل ورجل المرأة فجعل الله لكل فرد زوجه.
ومعنى (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من نوعكم ، فجميع الأزواج من نوع الناس ، وأما قول تأبط شرا :
وتزوجت في الشبيبة غولا |
|
بغزال وصدقتي زقّ خمر |
فمن تكاذيبهم ، وكذلك ما يزعمه المشعوذون من التزوج بالجنّيات وما يزعمه أهل الخرافات والروايات من وجود بنات في البحر وأنها قد يتزوج بعض الإنس ببعضها.
والسكون : هنا مستعار للتأنس وفرح النفس لأن في ذلك زوال اضطراب الوحشة والكمد بالسكون الذي هو زوال اضطراب الجسم كما قالوا : اطمأن إلى كذا وانقطع إلى كذا.
وضمن (لِتَسْكُنُوا) معنى لتميلوا فعدي بحرف (إلى) وإن كان حقه أن يعلق ب (عند) ونحوها من الظروف.
والمودة : المحبة ، والرحمة : صفة تبعث على حسن المعاملة.
وإنما جعل في ذلك آيات كثيرة باعتبار اشتمال ذلك الخلق على دقائق كثيرة متولد بعضها عن بعض يظهرها التأمل والتدبر بحيث يتجمع منها آيات كثيرة.
واللام في قوله (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) معناه شبه التمليك وهو معنى أثبته صاحب «مغني اللبيب» ويظهر أنه واسطة بين معنى التمليك ومعنى التعليل. ومثّله في «المغني» بقوله تعالى (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) [النحل : ٧٢] وذكر في المعنى العشرين من معاني اللام أن ابن مالك في «كافيته» سماه لام التعدية ولعله يريد تعدية خاصة ، ومثله بقوله تعالى (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [مريم : ٥].
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢))
هذه الآية الثالثة وهي آية النظام الأرضي في خلق الأرض بمجموعها وسكانها ؛