لينضج على سواء ، ولو كان لفح النار مقتصرا على أحد جانبي الوجه لكان للجانب الآخر بعض الراحة.
وتخصيص الوجوه بالذكر من بين سائر الأعضاء لأن حرّ النار يؤذي الوجوه أشد مما يؤذي بقية الجلد لأن الوجوه مقرّ الحواس الرقيقة : العيون والأفواه والآذان والمنافس كقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الزمر : ٢٤].
وحرف (يا) في قوله : (يا لَيْتَنا) للتنبيه لقصد إسماع من يرثي لحالهم مثل (يا حَسْرَتَنا) [الأنعام : ٣١]. والتمني هنا كناية عن التندم على ما فات ، وكذلك نحو (يا حَسْرَتَنا) أي أن الحسرة غير مجدية.
وقد علموا يومئذ أن ما كان يأمرهم به النبي صلىاللهعليهوسلم هو تبليغ عن مراد الله منهم وأنهم إذ عصوه فقد عصوا الله تعالى فتمنوا يومئذ أن لا يكونوا عصوا الرسول المبلغ عن الله تعالى.
والألف في آخر قوله : (الرَّسُولَا) لرعاية الفواصل التي بنيت عليها السورة فإنها بنيت على فاصلة الألف وهي ألف الإطلاق إجراء للفواصل مجرى القوافي التي تلحقها ألف الإطلاق. وقد تقدم ذلك في قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) [١٠] في هذه السورة ، وتقدمت وجوه القراءات في إثباتها في الوصل أو حذفها.
[٦٧ ، ٦٨] (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨))
عطف على جملة (يَقُولُونَ) [الأحزاب : ٦٦] فهي حال. وجيء بها في صيغة الماضي لأن هذا القول كان متقدما على قولهم : (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ) [الأحزاب : ٦٦] ، فذلك التمني نشأ لهم وقت أن مسّهم العذاب ، وهذا التنصل والدعاء اعتذروا به حين مشاهدة العذاب وحشرهم مع رؤسائهم إلى جهنم ، قال تعالى : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٣٨]. فدل على أن ذلك قبل أن يمسهم العذاب بل حين رصفوا ونسقوا قبل أن يصبّ عليهم العذاب ويطلق إليهم حرّ النار.
والابتداء بالنداء ووصف الربوبية إظهار للتضرع والابتهال.