[٧٠ ، ٧١] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١))
بعد أن نهى الله المسلمين عما يؤذي النبي صلىاللهعليهوسلم وربأ بهم عن أن يكونوا مثل الذين آذوا رسولهم ، وجه إليهم بعد ذلك نداء بأن يتّسموا بالتقوى وسداد القول لأن فائدة النهي عن المناكر التلبّس بالمحامد ، والتقوى جماع الخير في العمل والقول. والقول السديد مبثّ الفضائل.
وابتداء الكلام بنداء الذين آمنوا للاهتمام به واستجلاب الإصغاء إليه. ونداؤهم بالذين آمنوا لما فيه من الإيماء إلى أن الإيمان يقتضي ما سيؤمرون به. ففيه تعريض بأن الذين يصدر منهم ما يؤذي النبي صلىاللهعليهوسلم قصدا ليسوا من المؤمنين في باطن الأمر ولكنهم منافقون ، وتقديم الأمر بالتقوى مشعر بأن ما سيؤمرون به من سديد القول هو من شعب التقوى كما هو من شعب الإيمان.
والقول : الكلام الذي يصدر من فم الإنسان يعبر عما في نفسه.
والسديد : الذي يوافق السداد. والسداد : الصواب والحق ومنه تسديد السهم نحو الرمية ، أي عدم العدول به عن سمتها بحيث إذا اندفع أصابها ، فشمل القول السديد الأقوال الواجبة والأقوال الصالحة النافعة مثل ابتداء السلام وقول المؤمن للمؤمن الذي يحبّه : إني أحبك.
والقول يكون بابا عظيما من أبواب الخير ويكون كذلك من أبواب الشر. وفي الحديث : «وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم إلّا حصائد ألسنتهم» ، وفي الحديث الآخر : «رحم الله امرأ قال خيرا فغنم أو سكت فسلم» ، وفي الحديث الآخر : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».
ويشمل القول السديد ما هو تعبير عن إرشاد من أقوال الأنبياء والعلماء والحكماء ، وما هو تبليغ لإرشاد غيره من مأثور أقوال الأنبياء والعلماء. فقراءة القرآن على الناس من القول السديد ، ورواية حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم من القول السديد. وفي الحديث : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها» وكذلك نشر أقوال الصحابة والحكماء وأئمة الفقه. ومن القول السديد تمجيد الله والثناء عليه مثل التسبيح. ومن القول السديد الأذان والإقامة قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) في سورة فاطر [١٠]. فبالقول السديد