العلوي والسفلي ، ذلك النظام الحارس لهما من تطرق الاختلال بإيجاد ذلك النظام. و (بِأَمْرِهِ) متعلق بفعل (تَقُومَ) ، والباء للسببية.
و (ثُمَ) عاطفة الجملة على الجملة. والمقصود من الجملة المعطوفة الاحتراس عما قد يتوهم من قوله (أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) من أبدية وجود السماوات والأرض ، فأفادت الجملة أن هذا النظام الأرضي يعتوره الاختلال إذا أراد الله انقضاء العالم الأرضي وإحضار الخلق إلى الحشر تسجيلا على المشركين بإثبات البعث. فمضمون جملة (إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) ليس من تمام هذه الآية السادسة ولكنه تكملة وإدماج موجه إلى منكري البعث.
وفي متعلق المجرور في قوله (مِنَ الْأَرْضِ) اضطراب ؛ فالذي ذهب إليه صاحب «الكشاف» أنه متعلق ب (دَعاكُمْ) لأن (دَعاكُمْ) لما اشتمل على فاعل ومفعول فالمتعلق بالفعل يجوز أن يكون من شئون الفاعل ويجوز أن يكون من شئون المفعول على حسب القرينة ، كما تقول : دعوت فلانا من أعلى الجبل فنزل إليّ ، أي دعوته وهو في أعلى الجبل. وهذا الاستعمال خلاف الغالب ولكن دلت عليه القرينة مع التفصي من أن يكون المجرور متعلقا ب (تَخْرُجُونَ) لأن ما بعد حرف المفاجأة لا يعمل فيما قبلها ، على أن في هذا المنع نظرا. ولا يجوز تعليقه ب (دَعْوَةً) لعدم اشتمال المصدر على فاعل ومفعول ، وهو وجيه وكفاك بذوق قائله. وأقول : قريب منه قوله تعالى (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [فصلت : ٤٤]. و (مِنْ) لابتداء المكان ، والمجرور ظرف لغو. ويجوز أن يكون المجرور حالا من ضمير النصب في (دَعاكُمْ) فهو ظرف مستقر. ويجوز أن يكون (مِنَ الْأَرْضِ) متعلقا ب (تَخْرُجُونَ) قدم عليه. وهذا ذكر في «مغني اللبيب» أنه حكاه عنهم أبو حاتم في كتاب «الوقف» ، وهذا أحسن وأبعد عن التكلف ، وعليه فتقديم المجرور للاهتمام تعريضا بخطئهم إذ أحالوا أن يكون لهم خروج من الأرض عن بعد صيرورتهم فيها في قولهم المحكي عنهم بقوله تعالى (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [السجدة : ١٠] وقولهم (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) [النمل: ٦٧].
وأما قضية تقديم المعمول على (إِذا) الفجائية فإذا سلم عدم جوازه فإن التوسع في المجرور والمظروف من حديث البحر ، فمن العجب كيف سدّ باب التوسع فيه صاحب «مغني اللبيب» في الجهة الثانية من الباب الخامس. وجيء بحرف المفاجأة في قوله (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) لإفادة سرعة خروجهم إلى الحشر كقوله (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ* فَإِذا