واحدة ، أي قصدتم ، أي فعلتم. وقرأ الجمهور (لِيَرْبُوَا) بتحتية مفتوحة وفتحة إعراب على واو (لِيَرْبُوَا). وكتب في المصاحف بألف بعد الواو وليس واو جماعة بالاتفاق ، ورسم المصحف سنة. وقرأ نافع لتربوا بتاء الخطاب مضمومة وواو ساكنة هي واو الجماعة.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠))
هذا الاستئناف الثاني من الأربعة التي أقيمت عليها دلائل انفراد الله تعالى بالتصرف في الناس وإبطال ما زعموه من الإشراك في الإلهية كما أنبأ عنه قوله (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) ، وإدماجا للاستدلال على وقوع البعث. وقد جاء هذا الاستئناف على طريقة قوله : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [يونس : ٣٤] واطّرد الافتتاح بمثله في الآيات التي أريد بها إثبات البعث كما تقدم عند قوله تعالى : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، وسيأتي في الآيتين بعد هذه.
و (ثُمَ) مستعمل في معنيي التراخي الزمني والرتبي.
و (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) استفهام إنكاري في معنى النفي ولذلك زيدت (مِنْ) الدالة على تحقيق نفي الجنس كله في قوله (مِنْ شَيْءٍ). والمعنى: ما من شركائكم من يفعل شيئا من ذلكم. ف (مِنْ) الأولى بيانية هي بيان الإبهام الذي في (مَنْ يَفْعَلُ) ، فيكون (مَنْ يَفْعَلُ) مبتدأ وخبره محذوف دل عليه الاستفهام ، تقديره : حصل ، أو وجد ، أو هي تبعيضية صفة لمقدر ، أي هل أحد من شركائكم. و (مِنْ) الثانية في قوله (مِنْ ذلِكُمْ) تبعيضية في موضع الحال (مِنْ شَيْءٍ). و (مِنْ) الثالثة زائدة لاستغراق النفي.
وإضافة (شركاء) إلى ضمير المخاطبين من المشركين لأن المخاطبين هم الذين خلعوا على الأصنام وصف الشركاء لله فكانوا شركاء بزعم المخاطبين وليسوا شركاء في نفس الأمر ، وهذا جار مجرى التهكم ، كقول خالد بن الصعق لعمرو بن معديكرب في مجمع من مجامع العرب بظاهر الكوفة فجعل عمرو يحدثهم عن غاراته فزعم أنه أغار على نهد فخرجوا إليه يقدمهم خالد بن الصعق وأنه قتله ، فقال له خالد بن الصعق : «مهلا أبا ثور قتيلك يسمع» أي القتيل بزعمك. والقرينة قوله «يسمع» كما أن القرينة في هذه الآية هي جملة التنزيه عن الشريك. والإشارة ب (ذلِكُمْ) إلى الخلق ، والرزق ، والإماتة ،