والإحياء ، وهي مصادر الأفعال المذكورة. وأفرد اسم الإشارة بتأويل المذكور.
وجملة (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) مستأنفة لإنشاء تنزيه الله تعالى عن الشريك في الإلهية. وموقعها بعد الجملتين السابقتين موقع النتيجة بعد القياس ، فإن حاصل معنى الجملة الأولى أن الإله الحق وهو مسمى اسم الجلالة هو الذي خلق ورزق ويميت ويحيي ، فهذا في قوة مقدمة هي صغرى قياس ، وحاصل الجملة الثانية أن لا أحد من الأصنام بفاعل ذلك ، وهذه في قوة مقدمة هي كبرى قياس وهو من الشكل الثاني ، وحاصل معنى تنزيه الله عن الشريك أن لا شيء من الأصنام بإله. وهذه نتيجة قياس من الشكل الثاني. ودليل المقدمة الصغرى إقرار الخصم ، ودليل المقدمة الكبرى العقل. وقرأ الجمهور تشركون بفوقية على الخطاب تبعا للخطاب في (آتَيْتُمْ) [الروم : ٣٩]. وقرأه حمزة والكسائي وخلف بتحتية على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة.
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١))
موقع هذه الآية ومعناها صالح لعدة وجوه من الموعظة ، وهي من جوامع كلم القرآن. والمقصد منها هو الموعظة بالحوادث ماضيها وحاضرها للإقلاع عن الإشراك وعن تكذيب الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فأما موقعها فيجوز أن تكون متصلة بقوله قبلها (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآيات [الروم : ٩] ، فلما طولبوا بالإقرار على ما رأوه من آثار الأمم الخالية ، أو أنكر عليهم عدم النظر في تلك الآثار ، أتبع ذلك بما أدّى إليه طريق الموعظة من قوله (هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الروم : ٢٧] ، ومن ذكر الإنذار بعذاب الآخرة ، والتذكير بدلائل الوحدانية ونعم الله تعالى ، وتفريع استحقاقه تعالى الشكر لذاته ولأجل إنعامه استحقاقا مستقرا إدراكه في الفطرة البشرية ، وما تخلل ذلك من الإرشاد والموعظة ، عاد الكلام إلى التذكير بأن ما حلّ بالأمم الماضية من المصائب ما كان إلا بما كسبت أيديهم ، أي بأعمالهم ، فيوشك أن يحلّ مثل ما حلّ بهم بالمخاطبين الذين كسبت أيديهم مثل ما كسبت أيدي أولئك.
فموقع هذه الجملة على هذا الوجه موقع النتيجة من مجموع الاستدلال أو موقع الاستئناف البياني بتقدير سؤال عن سبب ما حلّ بأولئك الأمم. ويجوز أن تقع هذه الآية موقع التكملة لقوله (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ) [الروم : ٣٣] الآية ، فهي خبر مستعمل