تكوين نظام العالم ونظام حياة الإنسان. ثم حضّ النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين على التمسك بهذا الدين وأثنى عليه. ونظر بين الفضائل التي يدعو إليها الإسلام وبين حال المشركين ورذائلهم ، وضرب أمثالا لإحياء مختلف الأموات بعد زوال الحياة عنها ولإحياء الأمم بعد يأس الناس منها ، وأمثالا لحدوث القوة بعد الضعف وبعكس ذلك. وختم ذلك بالعود إلى إثبات البعث ثم بتثبيت النبي صلىاللهعليهوسلم ووعده بالنصر.
ومن أعظم ما اشتملت عليه التصريح بأن الإسلام دين فطر الله الناس عليه وأن من ابتغى غيره دينا فقد حاول تبديل ما خلق الله وأنّى له ذلك.
(الم (١))
تقدم القول على نظيره في سور كثيرة وخاصة في سورة العنكبوت ، وأن هذه السورة إحدى ثلاث سور مما افتتح بحروف التهجي المقطعة غير معقبة بما يشير إلى القرآن ، وتقدم في أول سورة مريم.
[٢ ـ ٥] (غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥))
(غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ).
قوله (غُلِبَتِ الرُّومُ) خبر مستعمل في لازم فائدته على طريق الكناية ، أي نحن نعلم بأن الروم غلبت ، فلا يهنكم ذلك ولا تطاولوا به على رسولنا وأوليائنا فإنّا نعلم أنهم سيغلبون من غلبوهم بعد بضع سنين بحيث لا يعد الغلب في مثله غلبا.
فالمقصود من الكلام هو جملة (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ) وكان ما قبله تمهيدا له. وإسناد الفعل إلى المجهول لأن الغرض هو الحديث على المغلوب لا على الغالب ولأنه قد عرف أن الذين غلبوا الروم هم الفرس.
و (الرُّومُ) : اسم غلب في كلام العرب على أمة مختلطة من اليونان والصقالبة ومن الرومانيين الذين أصلهم من اللاطينيين سكان بلاد إيطاليا نزحوا إلى أطراف شرق أوروبا. تقومت هذه الأمة المسماة الروم على هذا المزيج فجاءت منها مملكة تحتل قطعة من أوروبا وقطعة من آسيا الصغرى وهي بلاد الأناضول. وقد أطلق العرب على مجموع هذه الأمة