إضافة الآيات إلى الكتاب الموصوف بأنه الحكيم وأنه هدى ورحمة وسبب فلاح.
و (الْحَكِيمِ) : وصف للكتاب بمعنى ذي الحكمة ، أي لاشتماله على الحكمة. فوصف (الْكِتابِ) ب (الْحَكِيمِ) كوصف الرجل بالحكيم ، ولذلك قيل : إن الحكيم استعارة مكنية ، أو بعبارة أرشق تشبيه بليغ بالرجل الحكيم. ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى المحكم بصيغة اسم المفعول وصفا على غير قياس كقولهم : عسل عقيد ، لأنه أحكم وأتقن فليس فيه فضول ولا ما لا يفيد كمالا نفسانيا. وفي وصف (الْكِتابِ) بهذا الوصف براعة استهلال للغرض من ذكر حكمة لقمان. وتقدم وصف الكتاب ب (الْحَكِيمِ) في أول سورة يونس [١].
وانتصب (هُدىً وَرَحْمَةً) على الحال من (الْكِتابِ) وهي قراءة الجمهور. وإذ كان (الْكِتابِ) مضافا إليه فمسوغ مجيء الحال من المضاف إليه أن (الْكِتابِ) أضيف إليه ما هو اسم جزئه ، أو على أنه حال من آيات. والعامل في الحال ما في اسم الإشارة من معنى الفعل. وقرأه حمزة وحده برفع رحمة على جعل (هُدىً) خبرا ثانيا عن اسم الإشارة.
ومعنى المحسنين : الفاعلون للحسنات ، وأعلاها الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، ولذلك خصت هذه الثلاث بالذكر بعد إطلاق المحسنين لأنها أفضل الحسنات ، وإن كان المحسنون يأتون بها وبغيرها.
وزيادة وصف الكتاب ب (رَحْمَةً) بعد (هُدىً) لأنه لما كان المقصد من هذه السورة قصة لقمان نبّه على أن ذكر القصة رحمة لما تتضمنه من الآداب والحكمة لأن في ذلك زيادة على الهدى أنه تخلق بالحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، والخير الكثير : رحمة من الله تعالى.
و (الزَّكاةَ) هنا الصدقة وكانت موكولة إلى همم المسلمين غير مضبوطة بوقت ولا بمقدار. وتقدم الكلام على (بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) إلى (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) في أول سورة البقرة [٤ ـ ٥].
[٦ ـ ٧] (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧))