[١٣١] ، فنار عقاب عصاة المؤمنين نار مخالفة أو أنها أعدت للكافرين.
وإنما دخل فيها من أدخل من المؤمنين الذين ظلموا أنفسهم لاقترافهم الأعمال السيئة التي شأنها أن تكون للكافرين.
وقدم المجرور في (لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) على المسند إليه للتشويق إلى ذكر المسند إليه حتى إذا سمعه السامعون تمكن من نفوسهم تمام التمكن.
وجملة (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) بدل اشتمال من جملة (لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) ، والقضاء : حقيقته الحكم ، ومنه قضاء الله حكمه وما أوجده في مخلوقاته. وقد يستعمل بمعنى أماته كقوله تعالى : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) [القصص : ١٥]. وهو هنا محتمل للحقيقة ، أي لا يقدر الله موتهم ، فقوله : (فَيَمُوتُوا) مسبب على القضاء. والمعنى : لا يقضى عليهم بالموت فيموتوا ، ومحتمل للمجاز وهو الموت. وتفريع (فَيَمُوتُوا) على هذا الوجه أنهم لا يموتون إلّا الإماتة التي يتسبب عليها الموت الحقيقي الذي يزول عنده الإحساس ، فيفيد أنهم يماتون موتا ليس فيه من الموت إلّا آلامه دون راحته ، قال تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧] وقال تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) [النساء : ٥٦].
وضمير (عَذابِها) عائد إلى جهنم ليشمل ما ورد من أن المعذبين يعذبون بالنار ويعذبون بالزمهرير وهو شدة البرد وكل ذلك من عذاب جهنم.
ووقع (كَذلِكَ) موقع المفعول المطلق لقوله : (نَجْزِي) أي نجزيهم جزاء كذلك الجزاء ، وتقدم عند قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) في سورة البقرة [١٤٣].
وجملة (كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) تذييل. والكفور : الشديد الكفر ، وهو المشرك.
وقرأ الجمهور (نَجْزِي) بنون العظمة ونصب (كُلَ). وقرأه أبو عمرو وحده يجزى بياء الغائب والبناء للنائب ورفع (كُلَ).
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧))
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ).
الضمير إلى (الَّذِينَ كَفَرُوا) [فاطر : ٣٦] والجملة عطف على جملة (لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ)