التاريخ بعض الحوادث وخاصة في أزمنة الاضطراب والفتنة.
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠))
تذييل وهو من كلام الله تعالى واقع موقع الرثاء للأمم المكذبة الرسل شامل للأمة المقصودة بسوق الأمثال السابقة من قوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) [يس : ١٣] ، واطراد هذا السنن القبيح فيهم. فالتعريف في (الْعِبادِ) تعريف الجنس المستعمل في الاستغراق وهو استغراق ادعائي روعي فيه حال الأغلب على الأمم التي يأتيها رسول لعدم الاعتداء في هذا المقام بقلة الذين صدّقوا الرسل ونصروهم فكأنّهم كلهم قد كذبوا.
و (الْعِبادِ) : اسم للبشر وهو جمع عبد. والعبد : المملوك وجميع الناس عبيد الله تعالى لأنه خالقهم والمتصرف فيهم قال تعالى : (رِزْقاً لِلْعِبادِ) [ق : ١١] ، وقال المغيرة بن حبناء :
أمسى العباد بشرّ لا غياث لهم |
|
إلا المهلب بعد الله والمطر |
ويجمع على عبيد وعباد وغلب الجمع الأول على عبد بمعنى مملوك ، والجمع الثاني على عبد بمعنى آدمي ، وهو تخصيص حسن من الاستعمال العربي.
والحسرة : شدة الندم مشوبا بتلهف على نفع فائت. وحرف النداء هنا لمجرد التنبيه على خطر ما بعده ليصغي إليه السامع وكثر دخوله في الجمل المقصود منها إنشاء معنى في نفس المتكلم دون الإخبار فيكون اقتران ذلك الإنشاء بحرف التنبيه إعلانا بما في نفس المتكلم من مدلول الإنشاء كقولهم : يا خيبة ، ويا لعنة ، ويا ويلي ، ويا فرحي ، ويا ليتني ، ونحو ذلك ، قالت امرأة من طي من أبيات الحماسة :
فيا ضيعة الفتيان إذ يعتلونه |
|
ببطن الشرا مثل الفنيق المسدّم |
وبيت الكتاب :
يا لعنة الله والأقوام كلّهم |
|
والصالحين على سمعان من جار |
وقد يقع النداء في مثل ذلك بالهمزة كقول جعفر بن علبة الحارثي :
ألهفى بقرّى سحبل حين أجلبت |
|
علينا الولايا والعدوّ المباسل |
وأصل هذا النداء أنه على تنزيل المعنى المثير للإنشاء منزلة العاقل فيقصد اسمه بالنداء لطلب حضوره فكأن المتكلم يقول : هذا مقامك فاحضر ، كما ينادى من يقصد في أمر عظيم ، وينتقل من ذلك إلى الكتابة عما لحق المتكلم من حاجة إلى ذلك المنادي ثم