والإنقاذ : الانتشال من الماء.
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله : (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) لإفادة تقوّي الحكم وهو نفي إنقاذ أحد إياهم.
والاستثناء في قوله : (إِلَّا رَحْمَةً) منقطع فإن الرحمة ليست من الصريخ ولا من المنقذ وإنما هي إسعاف الله تعالى إياهم بسكون البحر وتمكينهم من السبح على أعواد الفلك.
و (وَمَتاعاً) عطف على (رَحْمَةً) ، أي إلّا رحمة هي تمتيع إلى أجل معلوم فإن كل حي صائر إلى الموت فإذا نجا من موته استقبلته موتة أخرى ولكن الله أودع في فطرة الإنسان حبّ زيادة الحياة مع علمه بأنه لا محيد له عن الموت.
[٤٥ ، ٤٦] (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦))
تخلص الكلام من عدم انتفاعهم بالآيات الدالة على وحدانية الله إلى عدم انتفاعهم بالأقوال المبلّغة إليهم في القرآن من الموعظة ، والتذكير بما حلّ بالأمم المكذبة أن يصيبهم مثل ما أصابهم ، وبعدم انتفاعهم بتذكير القرآن إياهم بالأدلة على وحدانية الله ، وعلى البعث.
وبناء فعل (قِيلَ) للمجهول لظهور أن القائل هو الرسول صلىاللهعليهوسلم في تبليغه عن الله تعالى ، أي قيل لهم في القرآن.
وما بين الأيدي يراد منه المستقبل ، وما هو خلف يراد منه الماضي ، قال تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) [آل عمران : ٥٠] ، أي ما تقدمني. وذلك أن أصل هذين التركيبين تمثيلان فتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف إليه بسائر إلى مكان فالذي بين يديه هو ما سيرد هو عليه ، والذي من ورائه هو ما خلّفه خلفه في سيره ، وتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف بسائر ، فهو إذا كان بين يدي المضاف إليه فقد سبقه في السير فهو سابق له وإذا كان خلف المضاف إليه فقد تأخر عنه فهو وارد بعده.
وقد فسرت هذه الآية بالوجهين فقيل : ما بين أيديكم من أمر الآخرة وما خلفكم من أحوال الأمم في الدنيا ، وهو عن مجاهد وابن جبير عن ابن عباس. وقيل : ما بين أيديكم