وذكر الجن في جند سليمان عليهالسلام تقدم في سورة النمل.
و (عَذابِ السَّعِيرِ) : عذاب النار تشبيه ، أي عذابا كعذاب السعير ، أي كعذاب جهنم ، وأما عذاب جهنم فإنما يكون حقيقة يوم الحساب.
(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣))
و (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ) جملة مبينة لجملة (يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) [سبأ : ١٢].
و (مِنْ مَحارِيبَ) بيان ل (ما يَشاءُ).
والمحاريب : جمع محراب ، وهو الحصن الذي يحارب منه العدوّ والمهاجم للمدينة ، أو لأنه يرمى من شرفاته بالحراب ، ثم أطلق على القصر الحصين. وقد سمّوا قصور غمدان في اليمن محاريب غمدان. وهذا المعنى هو المراد في هذه الآية. ثم أطلق المحراب على الذي يختلى فيه للعبادة فهو بمنزلة المسجد الخاص ، قال تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) وتقدم في سورة آل عمران [٣٩]. وكان لداود محراب يجلس فيه للعبادة قال تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) في سورة ص [٢١].
وأما إطلاق المحراب على الموضع من المسجد الذي يقف فيه الإمام الذي يؤمّ الناس ، يجعل مثل كوة غير نافذة واصلة إلى أرض المسجد في حائط القبلة يقف الإمام تحته ، فتسمية ذلك محرابا تسمية حديثة ولم أقف على تعيين الزمن الذي ابتدئ فيه إطلاق اسم المحراب على هذا الموقف. واتخاذ المحاريب في المساجد حدث في المائة الثانية ، والمظنون أنه حدث في أولها في حياة أنس بن مالك لأنه روي عنه أنه تنزه عن الجلوس في المحاريب وكانوا يسمونه الطاق أو الطاقة ، وربما سموه المذبح ، ولم أر أنهم سموه أيامئذ محرابا ، وإنما كانوا يسمون بالمحراب موضع ذبح القربان في الكنيسة ، قال عمر بن أبي ربيعة :
دمية عند راهب قسيس |
|
صوروها في مذابح المحراب |
والمذبح والمحراب مقتبسة من اليهود لما لا يخفى من تفرع النصرانية عن دين اليهودية.