والراسيات : الثابتات في الأرض التي لا تنزل من فوق أثافيها لتداول الطبخ فيها صباح مساء.
وجملة (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) مقول قول محذوف ، أي قلنا : اعملوا يا آل داود ، ومفعول (اعْمَلُوا) محذوف دل عليه قوله : (شُكْراً). وتقديره : اعملوا صالحا ، كما تقدم آنفا ، عملا لشكر الله تعالى ، فانتصب (شُكْراً) على المفعول لأجله. والخطاب لسليمان وآله.
وذيل بقوله : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) فهو من تمام المقول ، وفيه حثّ على الاهتمام بالعمل الصالح. ويجوز أن يكون هذا التذييل كلاما جديدا جاء في القرآن ، أي قلنا ذلك لآل داود فعمل منهم قليل ولم يعمل كثير وكان سليمان من أول الفئة القليلة.
و (الشَّكُورُ) : الكثير الشكر. وإذ كان العمل شكرا أفاد أن العاملين قليل.
(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤))
تفريع على قوله : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) إلى قوله : (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) [سبأ : ١٢ ، ١٣] أي دام عملهم له حتى مات (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) إلى آخره. ولا شك أن ذلك لم يطل وقته لأن مثله في عظمة ملكه لا بد أن يفتقده أتباعه ، فجملة (ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ) إلخ جواب «لمّا قضينا عليه الموت».
وضمير (دَلَّهُمْ) يعود إلى معلوم من المقام ، أي أهل بلاطه.
والدلالة : الإشعار بأمر خفيّ. وتقدم ذلك عند قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) [سبأ : ٧].
و (دَابَّةُ الْأَرْضِ) هي الأرضة (بفتحات ثلاث) وهي السّرفة بضم السين وسكون الراء وفتح الفاء لا محالة وهاء تأنيث : سوس ينخر الخشب. فالمراد من الأرض مصدر أرضت السّرفة الخشب من باب ضرب ، وقد سخر الله لمنساة سليمان كثيرا من السرف فتعجّل لها النخر.
وجملة (فَلَمَّا خَرَّ) مفرعة على جملة (ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ). وجملة (تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) جواب «لمّا خرّ». والمنساة بكسر الميم وفتحها وبهمزة بعد السين ، وتخفّف الهمزة فتصير