بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
٣٤ ـ سورة سبأ
هذا اسمها الذي اشتهرت به في كتب السنة وكتب التفسير وبين القراء ولم أقف على تسميتها في عصر النبوءة. ووجه تسميتها به أنها ذكرت فيها قصة أهل سبأ.
وهي مكية وحكي اتفاق أهل التفسير عليه. وعن مقاتل أن آية (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) إلى قوله : (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [سبأ : ٦] نزلت بالمدينة. ولعله بناء على تأويلهم أهل العلم أنما يراد بهم أهل الكتاب الذين أسلموا مثل عبد الله بن سلام. والحق أن الذين أوتوا العلم هم أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، وعزي ذلك إلى ابن عباس ، أو هم أمة محمد ، قاله قتادة ، أي لأنهم أوتوا بالقرآن علما كثيرا قال تعالى : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) [العنكبوت : ٤٩] ، على أنه لا مانع من التزام أنهم علماء أهل الكتاب قبل أن يؤمنوا لأن المقصود الاحتجاج بما هو مستقر في نفوسهم الذي أنبأ عنه إسلام طائفة منهم كما نبيّنه عند قوله تعالى : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) إلخ.
ولابن الحصار أن سورة سبأ مدنية لما رواه الترمذي عن فروة بن مسيك الغطيفي المرادي قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أن قال : وأنزل في سبأ ما أنزل. فقال رجل : يا رسول الله : وما سبأ؟» الحديث. قال ابن الحصار : هاجر فروة سنة تسع بعد فتح الطائف. وقال ابن الحصار : يحتمل أن يكون قوله : «وأنزل» حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرة فروة ، أي أن سائلا سأل عنه لما قرأه أو سمعه من هذه السورة أو من سورة النمل.
وهي السورة الثامنة والخمسون في عداد السور ، نزلت بعد سورة لقمان وقبل سورة الزمر كما في المروي عن جابر بن زيد واعتمد عليه الجعبري كما في «الإتقان» ، وقد تقدم في سورة الإسراء أن قوله تعالى فيها : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى قوله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً)[الإسراء : ٩٠ ـ ٩٢] إنهم عنوا