وانتصب (شُرَكاءَ) على الحال من اسم الموصول. والمعنى : شركاء له.
ولما أعرض عن الخوض في آثار هذه الإراءة علم أنهم مفتضحون عند تلك الإراءة فقدرت حاصلة ، وأعقب طلب تحصيلها بإثبات أثرها وهو الردع عن اعتقاد إلهيتها ، وإبطالها عنهم بإثباتها لله تعالى وحده فلذلك جمع بين حرفي الردع والإبطال ثم الانتقال إلى تعيين الإله الحق على طريقة قوله : (كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) [الفجر : ١٧].
وضمير (هُوَ اللهُ) ضمير الشأن. والجملة بعده تفسير لمعنى الشأن و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران ، أي بل الشأن المهمّ الله العزيز الحكيم لا آلهتكم ؛ ففي الجملة قصر العزة والحكم على الله تعالى كناية عن قصر الإلهية عليه تعالى قصر إفراد.
ويجوز أن يكون الضمير عائدا إلى الإله المفهوم من قوله : (الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) وهو مبتدأ والجملة بعده خبر. ويجوز أن يكون عائدا إلى المستحضر في الذهن وهو الله. وتفسيره قوله : (اللهُ) فاسم الجلالة عطف بيان. و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران عن الضمير. والفرق بين هذا الوجه وبين الوجه الأول يظهر في اختلاف مدلول الضمير المنفصل واختلاف موقع اسم الجلالة بعده ، واختلاف موقع الجملة بعد ذلك.
والعزّة : الاستغناء عن الغير. و (الْحَكِيمُ) : وصف من الحكمة وهي منتهى العلم ، أو من الإحكام وهو إتقان الصنع ، شاع في الأمرين. وهذا إثبات لافتقار أصنامهم وانتفاء العلم عنها. وهذا مضمون قول إبراهيم عليهالسلام : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) [مريم : ٤٢].
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨))
انتقال من إبطال ضلال المشركين في أمر الربوبية إلى إبطال ضلالهم في شأن صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وغيّر أسلوب الكلام من الأمر بمحاجة المشركين إلى الإخبار برسالة النبي صلىاللهعليهوسلم تشريفا له بتوجيه هذا الإخبار بالنعمة العظيمة إليه ، ويحصل إبطال مزاعم المشركين بطريق التعريض.
وفي هذه الآية إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم على منكريها من العرب وإثبات عمومها على