سيلقون يوم الجزاء من خزي وتكذيب وندامة وعدم النصير وخلود في العذاب ، وبشّر المؤمنون بالنعيم المقيم.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١))
افتتحت السورة ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ) للتنبيه على أن السورة تتضمن من دلائل تفرده بالإلهية واتصافه بصفات العظمة ما يقتضي إنشاء الحمد له والإخبار باختصاصه به. فجملة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هنا يجوز كونها إخبارا بأن جنس الحمد مستحق لله تعالى فتكون اللّام في قوله : (لِلَّهِ) لام الملك. ويجوز أن تكون إنشاء ثناء على الله على وجه تعليم الناس أن يخصوه بالحمد فتكون اللام للتبيين لأن معنى الكلام : أحمد الله.
وقد تقدم الكلام على (الْحَمْدُ لِلَّهِ) في سورة الفاتحة [٢] ، وتقدم الكلام على تعقيبه باسم الموصول في أول سورة الأنعام وأول سورة الكهف.
وهذه إحدى سور خمس مفتتحة ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وهنّ كلها مكية وقد وضعت في ترتيب القرآن في أوله ووسطه ، والربع الأخير ، فكانت أرباع القرآن مفتتحة بالحمد لله كان ذلك بتوفيق من الله أو توقيف.
واقتضاء صلة الموصول أن ما في السماوات والأرض ملك لله تعالى يجعل هذه الصلة صالحة لتكون علة لإنشاء الثناء عليه لأن ملكه لما في السماوات وما في الأرض ملك حقيقي لأن سببه إيجاد تلك المملوكات وذلك الإيجاد عمل جميل يستحق صاحبه الحمد ، وأيضا هو يتضمن نعما جمة. وهي أيضا تقتضي حمد المنعم ، لأن الحمد يكون للفضائل وللفواضل ؛ فما في السموات فإن منه مهابط أنوار حقيقية ومعنوية ، فيها هدى حسّي ونفساني ، وإليه معارج للنفوس في مراتب الكمالات التي بها استقامة السير ، وإزالة الغير ، ونزول الغيوث بالمطر. وما في الأرض منه مسارح أنظار المتفكرين ، ومنابت أرزاق المرتزقين ، وميادين نفوس السائرين.
وفي هذه الصلة تعريض بكفران المشركين الذين حمدوا أشياء ليس لها في هذه العوالم أدنى تأثير ولا لها بما تحتوي عليه أدنى شعور ، ونسوا حمد مالكها وسائر ما في السماوات والأرض.