وهوله بما ضمنه من الإبهام. و «سوف» أخت السين في إفادة مطلق الاستقبال.
[١٧١ ـ ١٧٣] (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣))
تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم على ما تضمنه قوله : (فَكَفَرُوا بِهِ) [الصافات : ١٧٠] وبيان لبعض الوعيد الذي في قوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الصافات : ١٧٠] بمنزلة بدل البعض من الكل ولكنه غلب عليه جانب التسلية فعطف بالواو عطف القصة على القصة.
والكلمة مراد بها الكلام ، عبر عن الكلام بكلمة إشارة إلى أنه منتظم في معنى واحد دال على المقصود دلالة سريعة فشبه بالكلمة الواحدة في سرعة الدلالة وإيجاز اللفظ كقوله تعالى : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) [المؤمنون : ١٠٠] وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل»
وبينت الكلمة بجملة (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) ، أي الكلام المتضمن وعدهم بأن ينصرهم الله على الذين كذبوهم وعادوهم وهذه بشارة للنبي صلىاللهعليهوسلم عقب تسليته لأنه داخل في عموم المرسلين.
وعطف (وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) بشارة للمؤمنين فإن المؤمنين جند الله ، أي أنصاره لأنهم نصروا دينه وتلقوا كلامه ، كما سموا حزب الله في قوله : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة : ٢١] إلى قوله : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) [المجادلة : ٢٢] إلى قوله : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : ٢٢]. وقوله : (لَهُمُ الْغالِبُونَ) يشمل علوّهم على عدوّهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا ، وعلوّهم عليهم في الآخرة كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [البقرة : ٢١٢] فهو من استعمال (الْغالِبُونَ) في حقيقته ومجازه.
ومعنى (الْمَنْصُورُونَ) و (الْغالِبُونَ) في أكثر الأحوال وباعتبار العاقبة ، فلا ينافي أنهم يغلبون نادرا ثم تكون لهم العاقبة ، أو المراد النصر والغلبة الموعود بهما قريبا وهما ما كان يوم بدر.
[١٧٤ ـ ١٧٥] (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥))