وعند أبي طالب مجلس رجل ، فقام أبو جهل كي يمنع النبي صلىاللهعليهوسلم من أن يجلس وشكوه إلى أبي طالب ، فقال : يا بن أخي ما تريد من قومك؟ قال : إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدّي إليهم العجم الجزية. قال : كلمة واحدة! قال : يا عم يقولوا لا إله إلا الله فقالوا : أإلها واحدا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلّا اختلاق ، قال فنزل فيهم القرآن (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) [ص : ١] إلى قوله : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) [ص : ٧] قال : حديث حسن. فهذا نص في أن نزولها في آخر حياة أبي طالب وهذا المرض مرض موته كما في ابن عطية فتكون هذه السورة قد نزلت في سنة ثلاث قبل الهجرة.
أغراضها
أصلها ما علمت من حديث الترمذي في سبب نزولها. وما اتصل به من توبيخ المشركين على تكذيبهم الرسول صلىاللهعليهوسلم وتكبرهم عن قبول ما أرسل به ، وتهديدهم بمثل ما حلّ بالأمم المكذبة قبلهم وأنهم إنما كذبوه لأنه جاء بتوحيد الله تعالى ولأنه اختص بالرسالة من دونهم. وتسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عن تكذيبهم وأن يقتدي بالرسل من قبله داود وأيوب وغيرهم وما جوزوا عن صبرهم ، واستطراد الثناء على داود وسليمان وأيوب ، وأتبع ذكر أنبياء آخرين لمناسبة سنذكرها. وإثبات البعث لحكمة جزاء العالمين بأعمالهم من خير أو شر. وجزاء المؤمنين المتقين وضده من جزاء الطاغين والذين أضلّوهم وقبّحوا لهم الإسلام والمسلمين. ووصف أحوالهم يوم القيامة.
وذكر أول غواية حصلت وأصل كل ضلالة وهي غواية الشيطان في قصة السجود لآدم.
وقد جاءت فاتحتها مناسبة لجميع أغراضها إذ ابتدئت بالقسم بالقرآن الذي كذب به المشركون ، وجاء المقسم عليه أن الذين كفروا في عزّة وشقاق وكل ما ذكر فيها من أحوال المكذبين سببه اعتزازهم وشقاقهم ، ومن أحوال المؤمنين سببه ضد ذلك ، مع ما في الافتتاح بالقسم من التشويق إلى ما بعده فكانت فاتحتها مستكملة خصائص حسن الابتداء.
(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١))
(ص) القول في هذا الحرف كالقول في نظائره من الحروف المقطعة الواقعة في أوائل