والإضافة على معنى لام الاختصاص. والعدول عن اسم الجلالة إلى وصف لأن له مزيد مناسبة للغرض الذي الكلام فيه إيماء إلى أن تشريفه إياه بالنبوءة من آثار صفة ربوبيته له لأن وصف الربّ مؤذن بالعناية والإبلاغ إلى الكمال. وأجري على الرب صفة (الْعَزِيزِ) لإبطال تدخلهم في تصرفاته ، وصفة (الْوَهَّابِ) لإبطال جعلهم الحرمان من الخير تابعا لرغباتهم دون موادة الله تعالى.
و (الْعَزِيزِ) : الذي لا يغلبه شيء ، و (الْوَهَّابِ) : الكثير المواهب فإن النبوءة رحمة عظيمة فلا يخول إعطاؤها إلا لشديد العزة وافر الموهبة.
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠))
إضراب انتقالي إلى رد يأتي على جميع مزاعمهم ويشمل بإجماله جميع النقوض التفصيلية لمزاعمهم بكلمة جامعة كالحوصلة فيشبه التذييل لما يتضمنه من عموم الملك وعموم الأماكن المقتضي عموم العلم وعموم التصرف ينعى عليهم قولهم في المغيبات بلا علم وتحكمهم في مراتب الموجودات بدون قدرة ولا غنى.
والاستفهام المقدر بعد (أَمْ) المنقطعة تهكمي وليس إنكاريا لأن تفريع أمر التعجيز عليه يعيّن أنه تهكمي. فالمعنى : إن كان لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فكان لهم شيء من ذلك فليصعدوا إن استطاعوا في أسباب السماوات ليخبروا حقائق الأشياء فيتكلموا عن علم في كنه الإله وصفاته وفي إمكان البعث وعدمه وفي صدق الرسولصلىاللهعليهوسلم أو ضده وليفتحوا خزائن الرحمة فيفيضوا منها على من يعجبهم ويحرموا من لا يرمقونه بعين استحسان.
والأمر في (فَلْيَرْتَقُوا) للتعجيز مثل قوله : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) [الحج: ١٥].
والتعريف في (الْأَسْبابِ) لعهد الجنس لأن المعروف أن لكل محل مرتفع أسبابا يصعد بها إليه كقول زهير :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه |
|
وإن يرق أسباب السماء بسلّم |
وقول الأعشى :
فلو كنت في حبّ ثمانين قامة |
|
ورقيت أسباب السماء بسلّم |
والسبب : الحبل الذي يتعلق به الصاعد إلى النخلة للجذاذ ، فإن جعل من حبلين