كلثوم إذ جعل القتال قرى :
قريناكم فعجلنا قراكم |
|
قبيل الصبح مرداة طحونا |
فيكونون قد أدمجوا تهكما في تهكم إغراقا في التهكم.
وتسميتهم (يَوْمِ الْحِسابِ) أيضا من التهكم لأنهم لا يؤمنون بالحساب.
[١٧ ـ ٢٠] (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠))
أعقب حكاية أقوالهم من التكذيب ابتداء من قوله : (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) [ص : ٤] إلى هنا ، بأمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بالصبر على أقوالهم إذ كان جميعها أذى : إما صريحا كما قالوا : (ساحِرٌ كَذَّابٌ) وقالوا : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) [ص : ٧](إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) [ص : ٦] ، وإمّا ضمنا وذلك ما في سائر أقوالهم من إنكار ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم والاستهزاء بقولهم : (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) [ص : ١٦] من إثبات أن الإله واحد ، ويشمل ما يقولونه مما لم يحك في أول هذه السورة.
وقوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ) إلى آخره يجوز أن يكون عطفا على قوله : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) بأن أتبع أمره بالصبر وبالائتساء ببعض الأنبياء السابقين فيما لقوه من الناس ثم كانت لهم عاقبة النصر وكشف الكرب. ويجوز أن يكون عطفا على مجموع ما تقدّم عطف القصة على القصة والغرض هو هو. وابتدئ بذكر داود لأن الله أعطاه ملكا وسلطانا لم يكن لآبائه ففي ذكره إيماء إلى أن شأن محمد صلىاللهعليهوسلم سيصير إلى العزة والسلطان ، ولم يكن له سلف ولا جند فقد كان حال النبي صلىاللهعليهوسلم أشبه بحال داود عليهالسلام.
وأدمج في خلال ذلك الإيماء إلى التحذير من الضجر في ذات الله تعالى واتقاء مراعاة حظوظ النفس في سياسة الأمة إبعادا لرسوله صلىاللهعليهوسلم عن مهاوي الخطأ والزلل وتأديبا له في أول أمره وآخره مما أن يتلقى بالعذل. وكان داود أيضا قد صبر على ما لقيه من حسد شاول (طالوت) ملك إسرائيل إياه على انتصاره على جالوت ملك فلسطين.
فالمصدر المتصرّف منه (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ) هو الذكر بضم الذال وهو التذكّر