لأسبحها» ، وليس هذا المعنى مرادا هنا لأن الجبال لا تصلي والطير كذلك ولأن داود لا يصلي في الجبال إذ الصلاة في شريعتهم لا تقع إلا في المسجد وأما الصلاة في الأرض فهي من خصائص الإسلام.
والعشي : ما بعد العصر. يقال : عشيّ وعشيّة. و (الْإِشْراقِ) : وقت ظهور ضوء الشمس واضحا على الأرض وهو وقت الضحى ، يقال : أشرقت الأرض ولا يقال : أشرقت الشمس ، وإنما يقال : شرقت الشمس وهو من باب قعد ، ولذلك كان قياس المكان منه المشرق بفتح الراء ولكنه لم يجىء إلّا بكسر الراء. ووقت طلوع الشمس هو الشروق ووقت الإشراق الضحى ، يقال : شرقت الشمس ولمّا تشرق ، ويقال : كلّما ذرّ شارق ، أي كلما طلعت الشمس. والباء في (بِالْعَشِيِ) للظرفية فتعين أن المراد بالإشراق وقت الإشراق.
والمحشورة : المجتمعة حوله عند قراءته الزبور. وانتصب (مَحْشُورَةً) على الحال من (الطَّيْرَ). ولم يؤت في صفة الطير بالحشر بالمضارع كما جيء به في (يُسَبِّحْنَ) إذ الحشر يكون دفعة فلا يقتضي المقام دلالة على تجدد ولا على استحضار الصورة.
وتنوين (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) عوض عن المضاف إليه. والتقدير : كل المحشورة له أواب ، أي كثير الرجوع إليه ، أي يأتيه من مكان بعيد. وهذه معجزة له لأن شأن الطير النفور من الإنس. وكلمة (كُلٌ) على أصل معناها من الشمول. و (أَوَّابٌ) هذا غير (أَوَّابٌ) في قوله : (إِنَّهُ أَوَّابٌ) فلم تتكرر الفاصلة. واللام في (لَهُ أَوَّابٌ) لام التقوية ، وتقديم المجرور على متعلقه للاهتمام بالضمير المجرور.
والشد : الإمساك وتمكّن اليد مما تمسكه ، فيكون لقصد النفع كما هنا ، ويكون لقصد الضرّ كقوله : (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) في سورة [يونس : ٨٨].
فشدّ الملك هو تقوية ملكه وسلامته من أضرار ثورة لديه ومن غلبة أعدائه عليه في حروبه. وقد ملك داود أربعين سنة ومات وعمره سبعون سنة في ظل ملك ثابت.
و (الْحِكْمَةَ) : النبوءة. والحكمة في الأعم : العلم بالأشياء كما هي والعمل بالأمور على ما ينبغي ، وقد اشتمل كتاب «الزبور» على حكم جمّة.
و (فَصْلَ الْخِطابِ) : بلاغة الكلام وجمعه للمعنى المقصود بحيث لا يحتاج سامعه إلى زيادة تبيان ، ووصف القول ب (الفصل) وصف بالمصدر ، أي فاصل. والفاصل : الفارق بين شيئين ، وهو ضدّ الواصل ، ويطلق مجازا على ما يميز شيئا عن الاشتباه بضده. وعطفه