مركبات وقتل رجالا ، وقد ذكرها العرب في شعرهم قبل الإسلام قال دوس بن حجر يصف ثورا وحشيا :
فانقضّ كالدّريّ يتبعه |
|
نقع يثور تخاله طنبا |
وقال بشر بن خازم أبي خازم أنشده الجاحظ في «الحيوان» :
والعير يرهقها الخبار وجحشها |
|
ينقض خلفهما انقضا الكواكب (١) |
وفي سنة (٩٤٤) سجل مرور كريات نارية في الجو أحرقت بيوتا عدة. وسقطت بالقطر التونسي مرتين أو ثلاث مرات ، منها قطعة سقطت في أوائل هذا القرن وسط المملكة أحسب أنها بجهات تالة ورأيت شظيّة منها تشبه الحديد ، والعامة يحسبونها صاعقة ويسمّون ذلك حجر الصاعقة ، وتساقطها يقع في الليل والنهار ولكنا لا نشاهد مرورها في النهار لأن شعاع الشمس يحجبها عن الأنظار.
ومما علمت من تدحرج هذه الشهب من فلك الشمس إلى فلك الأرض تبين لك سبب كونها من السماء الدنيا وسبب اتصالها بالأجرام الشيطانية الصاعدة من الأرض تتطلب الاتصال بالسماوات. وقد سميت شهبا على التشبيه بقبس النار وهو الجمر ، وقد تقدم في قوله تعالى : (أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) في سورة النمل [٧].
والمارد : الخارج عن الطاعة الذي لا يلابس الطاعة ساعة قال تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) [التوبة : ١٠١]. وفي وصفه بالمارد إشارة إلى أن ما يصيب إخوانه من الضرّ بالشهب لا يعظه عن تجديد محاولة الاستراق لما جبل عليه طبعه الشيطاني من المداومة على تلك السجايا الخبيثة كما لا ينزجر الفراش عن التهافت حول المصباح بما يصيب أطراف أجنحته من مسّ النار.
[٨ ـ ١٠] (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠)).
اعتراض بين جملة (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) [الصافات : ٦] وجملة (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) [الصافات : ١١] قصد منه وصف قصة طرد الشياطين.
__________________
(١) الخبار بفتح الخاء المعجمة : الأرض الرخوة