نبيء» فرجع أمرها إلى أنها شرع من قبلنا ، والشافعي لا يرى شرع من قبلنا دليلا.
ووجه السجود فيها عند من رآه أن ركوع داود هو سجود شريعتهم فلما اقتدى به النبي صلىاللهعليهوسلم أتى في اقتدائه بما يساوي الركوع في شريعة الإسلام وهو السجود. وقال أبو حنيفة: الركوع يقوم مقام سجود التلاوة أخذا من هذه الآية.
واسم الإشارة في قوله : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) إلى ما دلت عليه خصومة الخصمين من تمثيل ما فعله داود بصورة قضية الخصمين ، وهذا من لطائف القرآن إذ طوى القصة التي تمثّل له فيها الخصمان ثم أشار إلى المطوي باسم الإشارة ، وأتبع الله الخبر عن الغفران له بما هو أرفع درجة وهو أنه من المقرّبين عند الله المرضيّ عنهم وأنه لم يوقف به عند حد الغفران لا غير. والزلفى : القربى ، وهو مصدر أو اسم مصدر. وتأكيد الخبر لإزالة توهم أن الله غضب عليه إذ فتنه تنزيلا لمقام الاستغراب منزلة مقام الإنكار.
والمئاب : مصدر ميمي بمعنى الأوب. وهو الرجوع. والمراد به : الرجوع إلى الآخرة. وسمي رجوعا لأنه رجوع إلى الله ، أي إلى حكمة البحت ظاهرا وباطنا قال تعالى : (إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) [الرعد : ٣٦].
وحسن المئاب : حسن المرجع ، وهو أن يرجع رجوعا حسنا عند نفسه وفي مرأى الناس ، أي له حسن رجوع عندنا وهو كرامة عند الله يوم الجزاء ، أي الجنة يئوب إليها.
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦))
مقول قول محذوف معطوف على (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) [ص : ٢٥] أي صفحنا عنه وذكرناه بنعمة الملك ووعظناه ، فجمع له بهذا تنويها بشأنه وإرشادا للواجب. وافتتاح الخطاب بالنداء لاسترعاء وعيه واهتمامه بما سيقال له.
والخليفة : الذي يخلف غيره في عمل ، أي يقوم مقامه فيه ، فإن كان مع وجود المخلوف عنه قيل : هو خليفة فلان ، وإن كان بعد ما مضى المخلوف قيل : هو خليفة من فلان. والمراد هنا : المعنى الأول بقرينة قوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ).
فالمعنى : أنه خليفة الله في إنفاذ شرائعه للأمة المجعول لها خليفة مما يوحي به إليه