قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٣ ]

162/205
*

الخلق بمعنى المخلوق.

و «امنن» أمر مستعمل في الإذن والإباحة ، وهو مشتق من المنّ المكنّى به عن الإنعام ، أي فأنعم على من شئت بالإطلاق ، أو أمسك في الخدمة من شئت.

فالمنّ : كناية عن الإطلاق بلازم اللام ، كقوله تعالى : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) [محمد : ٤].

وجملتا (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) معترضتان بين قوله : (عَطاؤُنا) وقوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) ، وهو تفريع مقدّم من تأخير.

والتقديم لتعجيل المسرة بالنعمة ، ونظيره قوله تعالى من بعد : (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) [ص : ٥٧] وقول عنترة :

ولقد نزلت فلا تظنّي غيره

مني بمنزلة المحب المكرم

وقول بشارة :

كقائلة إن الحمار فنحّه

عن القتّ أهل السمسم المتهذب

مجازا وكناية في التحديد والتقدير ، أي هذا عطاؤنا غير محدد ولا مقتّر فيه ، أي عطاؤنا واسعا وافيا لا تضييق فيه عليك.

ويجوز أن يكون (بِغَيْرِ حِسابٍ) حالا من ضمير «امنن أو أمسك». ويكون الحساب بمعنى المحاسبة المكنّى بها عن المؤاخذة. والمعنى : امنن أو أمسك لا مؤاخذة عليك فيمن مننت عليه بالإطلاق إن كان مفسدا ، ولا فيمن أمسكته في الخدمة إن كان صالحا.

(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠))

تقدم نظيره آنفا في قصة داود وبيان نكتة التأكيد بحرف (إِنَ).

[٤١ ـ ٤٢] (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢))

هذا مثل ثان ذكّر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إسوة به في الصبر على أذى قومه والالتجاء إلى الله في كشف الضر ، وهو معطوف على (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) [ص : ١٧] ولكونه مقصودا