وتنوين (كُلٌ) في قوله : (وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) عوض عن المضاف إليه ، أي وكل أولئك الثلاثة من الأخيار. وتقدم ذكر اليسع في سورة الأنعام ، وذكر ذي الكفل في سورة الأنبياء.
[٤٩ ـ ٥٢] (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢))
(هذا ذِكْرٌ) جملة فصلت الكلام السابق عن الكلام الآتي بعدها قصدا لانتقال الكلام من غرض إلى غرض مثل جملة : أما بعد فكذا ومثل اسم الإشارة المجرّد نحو (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) [ص : ٥٥] ، وقوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) [الحج : ٣٠] ، و (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) ، في سورة الحج [٣٢]. قال في «الكشاف» : وهو كما يقول الكاتب إذا فرغ من فصل من كتابه وأراد الشروع في آخر : هذا وقد كان كيت وكيت اه. وهذا الأسلوب من الانتقال هو المسمى في عرف علماء الأدب بالاقتضاب وهو طريقة العرب ومن يليهم من المخضرمين ، ولهم في مثله طريقتان : أن يذكروا الخبر كما في هذه الآية وقول المؤلفين : هذا باب كذا ، وأن يحذفوا الخبر لدلالة الإشارة على المقصود ، كقوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) [الحج : ٣٠] ، أي ذلك شأن الذي عملوا بما دعاهم إليه إبراهيم وذكروا اسم الله على ذبائحهم ولم يذكروا أسماء الأصنام ، وقوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) ، أي ذلك مثل الذين أشركوا بالله ، وقوله بعد آيات (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) [ص : ٥٥] أي هذا مآب المتقين ، ومنه قول الكاتب : هذا وقد كان كيت وكيت ، وإنما صرح بالخبر في قوله : (هذا ذِكْرٌ) للاهتمام بتعيين الخبر ، وأن المقصود من المشار إليه التذكر والاقتداء فلا يأخذ السامع اسم الإشارة مأخذ الفصل المجرّد والانتقال الاقتضابي ، مع إرادة التوجيه بلفظ (ذِكْرٌ) بتحميله معنى حسن السمعة ، أي هذا ذكر لأولئك المسمّين في الآخرين مع أنه تذكرة للمقتدين على نحو المعنيين في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) في سورة الدخان [الزخرف : ٤٤].
ومن هنا احتمل أن تكون الإشارة ب (هذا) إلى القرآن ، أي القرآن ذكر ، فتكون الجملة استئنافا ابتدائيا للتنويه بشأن القرآن راجعا إلى غرض قوله تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) [ص : ٢٩].
والواو في (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) إلخ ، يجوز أن تكون للعطف الذكري ، أي انتهى الكلام