و (واحِدَةٌ) تأكيد لما تفيده صيغة الفعلة من معنى المرة لدفع توهم أن يكون المراد من الصيحة الجنس دون الوجود لأن وزن الفعلة يجيء لمعنى المصدر دون المرة. وضمير (هِيَ) ضمير القصة والشأن وهو لا معاد له إنما تفسره الجملة التي بعده. وفرّع عليه (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) ودل فاء التفريع على تعقيب المفاجأة ، ودل حرف المفاجأة على سرعة حصول ذلك. وقد تقدم ذلك في قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) في سورة يس [٥٣].
وكني عن الحياة الكاملة التي لا دهش يخالطها بالنظر في قوله : (يَنْظُرُونَ) لأن النظر لا يكون إلا مع تمام الحياة. وأوثر النظر من بين بقية الحواس لمزيد اختصاصه بالمقام وهو التعريض بما اعتراهم من البهت لمشاهدة الحشر.
(وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠))
يجوز أن تكون الواو للحال ، أي قائلين (يا وَيْلَنا) أي يقول جميعهم : يا ويلنا يقوله كل أحد عنه وعن أصحابه. ويجوز أن يكون عطفا على جملة (يَنْظُرُونَ) [الصافات : ١٩]. والمعنى : ونظروا وقالوا.
والويل : سوء الحال. وحرف النداء للاهتمام. وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) في سورة يس [٣٠].
والإشارة إلى اليوم المشاهد. و (الدِّينِ) : الجزاء ، وتقدم في سورة الفاتحة.
(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١))
يجوز أن يكون هذا كلاما موجها إليهم من جانب الله تعالى جوابا عن قولهم : (يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) [الصافات : ٢٠] ، والخبر مستعمل في التعريض بالوعيد ، ويجوز أن يكون من تمام قولهم ، أي يقول بعضهم لبعض (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ).
و (الْفَصْلِ) : تمييز الحق من الباطل ، والمراد به الحكم والقضاء ، أي هذا يوم يفضي عليكم بما استحققتموه من العقاب.
[٢٢ ـ ٢٦] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ