للمجهول إذا كان مجردا (ولا يبنى للمعلوم) فهو منزوف ونزيف ، شبهوا عقل الشارب بالدم يقال : نزف دم الجريح ، أي أفرغ. وأصله من : نزف الرجل ماء البئر متعديا ، إذا نزحه ولم يبق منه شيئا. وقرأه حمزة والكسائي وخلف (يُنْزَفُونَ) بضم الياء وكسر الزاي من أنزف الشارب ، إذا ذهب عقله ، أي صار ذا نزف ، فالهمزة للصيرورة لا للتعدية.
و (قاصِراتُ الطَّرْفِ) أي حابسات أنظارهن حياء وغنجا. والطرف : العين ، وهو مفرد لا جمع له من لفظه لأن أصل الطرف مصدر : طرف بعينه من باب ضرب ، إذا حرّك جفنيه ، فسمّيت العين طرفا ، فالطرف هنا الأعين ، أي قاصرات الأعين ، وتقدم عند قوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) في سورة إبراهيم [٤٣] ، وقوله : (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) في سورة النمل [٤٠].
وذكر «عند» لإفادة أنهن ملابسات لهم في مجالسهم التي تدار عليهم فيها كأس الجنة ، وكان حضور الجواري مجالس الشراب من مكملات الأنس والطرب عند سادة العرب ، قال طرفة :
نداماي بيض كالنجوم وقينة |
|
تروح علينا بين برد ومجسد |
و (عِينٌ) جمع : عيناء ، وهي المرأة الواسعة العين النجلاوتها.
والبيض المكنون : هو بيض النعام ، والنعام يكنّ بيضه في حفر في الرمل ويفرش لها من دقيق ريشه ، وتسمى تلك الحفر : الأداحيّ ، واحدتها أدحية بوزن أثفية. فيكون البيض شديد لمعان اللون وهو أبيض مشوب بياضه بصفرة وذلك اللون أحسن ألوان النساء ، وقديما شبهوا الحسان ببيض النعام ، قال امرؤ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها |
|
تمتعت من لهو بها غير معجل |
[٥٠ ـ ٥٧] (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧))
الفاء للتفريع لأن شأن المتجالسين في مسرّة أن يشرعوا في الحديث فإن في الحديث مع الأصحاب والمنتدمين لذة كما قال محمد بن فياض :