هنا. وضمير (عَلَيْها) عائد إلى (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) بتأويل ثمرها. و (على) بمعنى (مع) ، ويصح أن تكون للاستعلاء لأن الحميم يشربونه بعد الأكل فينزل عليه في الأمعاء.
والحميم : القيح السائل من الدّمّل ، وتقدم عند قوله تعالى : (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) في سورة الأنعام [٧٠].
والقول في عطف (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) كالقول في عطف (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ).
والمرجع : مكان الرجوع ، أي المكان الذي يعود إليه الخارج منه بعد أن يفارقه. وقد يستعار للانتقال من حالة طارئة إلى حالة أصلية تشبيها بمغادرة المكان ثم العود إليه كقول عمر بن الخطاب في كلامه مع هنيء صاحب الحمى «فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع» ، يعني عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ، فإنه إنما عنى أنهما ينتقلان من الانتفاع بالماشية إلى الانتفاع بالنخل والزرع وكذلك ينبغي أن يفسر الرجوع في الآية لأن المشركين حين يطعمون من شجرة الزقوم ويشربون الحميم لم يفارقوا الجحيم فأريد التنبيه على أن عذاب الأكل من الزقوم والشراب من الحميم زيادة على عذاب الجحيم ، ألا ترى إلى قوله : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) فليس ثمة مغادرة للجحيم حتى يكون الرجوع حقيقة ، مثله قول النبي صلىاللهعليهوسلم حين رجوعه من إحدى مغازيه «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» يريد مجاهدة النفس فإنه لم يعن أنهم حين اشتغالهم بالجهاد قد تركوا مجاهدة أنفسهم وإنما عنى أنهم كانوا في جهاد زائد فصاروا إلى الجهاد السابق.
[٦٩ ـ ٧٠] (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠))
تعليل لما جازاهم الله به من العذاب وإبداء للمناسبة بينه وبين جرمهم ، فإن جرمهم كان تلقيا لما وجدوا عليه آباءهم من الشرك وشعبه بدون نظر ولا اختيار لما يختاره العاقل ، فكان من جزائهم على ذلك أنهم يطعمون طعاما مؤلما ويسقون شرابا قذرا بدون اختيار كما تلقوا دين آبائهم تقليدا واعتباطا.
فموقع (إنّ) موقع فاء السببية ، ومعناها معنى لام التعليل ، وهي لذلك مفيدة ربط الجملة بالتي قبلها كما تربطها الفاء ولام التعليل كما تقدم غير مرة.