عليه وفي أخذ ماله فدلّ على أنه خاص فيه). وقال في سورة آل عمران : «ومن الناس من يحتج بإلقاء الأقلام في كفالة مريم» على جواز القرعة في العبيد يعتقهم الرجل في مرضه ثم يموت ولا مال له غيرهم وليس هذا (أي إلقاء الأقلام) من عتق العبيد في شيء لأن الرضى بكفالة الواحد منهم مريم جائز في مثله ولا يجوز التراضي على استرقاق من حصلت له الحرية ، وقد كان عتق الميّت نافذا في الجميع فلا يجوز نقله بالقرعة عن أحد منهم إلى غيره كما لا يجوز التراضي على نقل الحرية عمن وقعت عليه.
والإدحاض : جعل المرء داحضا ، أي زالقا غير ثابت الرجلين وهو هنا استعارة للخسران والمغلوبية.
والالتقام : البلع. والحوت الذي التقمه : حوت عظيم يبتلع الأشياء ولا يعضّ بأسنانه ويقال : إنه الحوت الذي يسمّى (بالين) بالافرنجية.
والمليم : اسم فاعل من ألام ، إذا فعل ما يلومه عليه الناس لأنه جعلهم لائمين فهو ألأمهم على نفسه.
وكان غرقه في البحر المسمّى بحر الروم وهو الذي نسميه البحر الأبيض المتوسط ، ولم يكن بنهر دجلة كما غلط فيه بعض المفسرين.
و (كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) كما في سورة الأنبياء [٨٧] ، فأنجاه الله بسبب تسبيحه وتوبته فقذفه الحوت من بطنه إلى البر بعد أن مكث في جوف الحوت ثلاث ليال ، وقيل : يوما وليلة ، وقيل : بضع ساعات.
ومعنى قوله : (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) التأبيد بأن يميت الله الحوت حين ابتلاعه ويبقيهما في قعر البحر ، أو بأن يختطف الحوت في حجر في البحر أو نحوه فلا يطفو على الماء حتى يبعث يونس يوم القيامة من قعر البحر.
[١٤٥ ـ ١٤٦] (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦))
الفاء فصيحة لأنها تفصح عن كلام مقدر دل عليه قوله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) [الصافات : ١٤٣ ، ١٤٤]. فالتقدير : يسبح ربه في بطن الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجاب الله له ونجاه كما في سورة