بهمزة الاستفهام ، أي بل أخلقنا الملائكة إناثا. وضمير (خَلَقْنَا) التفات من الغيبة إلى التكلم وهو إذا استفتاهم يقول لهم : أم خلق الملائكة ، كما تقدم ، والاستفهام إنكاري وتعجيبي من جرأتهم وقولهم بلا علم.
وجملة (وَهُمْ شاهِدُونَ) في موضع الحال وهي قيد للإنكار ، أي كانوا حاضرين حين خلقنا الملائكة فشهدوا أنوثة الملائكة لأن هذا لا يثبت لأمثالهم إلا بالمشاهدة إذ لا قبل لهم بعلم ذلك إلا المشاهدة. وبقي أن يكون ذلك بالخبر القاطع فذلك ما سينفيه بقوله : (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) [الصافات : ١٥٦] ، وذلك لأن أنوثة الملائكة ليست من المستحيل ولكنه قول بلا دليل.
وضمير : (وَهُمْ شاهِدُونَ) محكي بالمعنى في الاستفتاء. والأصل : وأنتم شاهدون ، كما تقدم آنفا.
[١٥١ ـ ١٥٢] (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢))
ارتقاء في تجهيلهم بأنهم يقولون المستحيل فضلا على القول بلا دليل فلذلك سماه إفكا. والجملة معترضة بين جمل الاستفتاء.
و (أَلا) حرف تنبيه للاهتمام بالخبر. والإفك : الكذب أي قولهم هذا بعض من أكذوباتهم. ولذلك أعقبه بعطف (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) مؤكدا ب (إن) واللام ، أي شأنهم الكذب في هذا وفي غيره من باطلهم ، فليست الجملة تأكيدا لقوله : (مِنْ إِفْكِهِمْ) كيف وهي معطوفة.
[١٥٣ ـ ١٥٧] (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧))
عود إلى الاستفتاء ، ولذلك لم تعطف لأن بينها وبين ما قبلها كمال الاتصال ، فالمعنى : وقل لهم : اصطفى البنات.
قرأ الجمهور : (أَصْطَفَى) بهمزة قطع مفتوحة على أنها همزة الاستفهام وأما همزة الوصل التي في الفعل فمحذوفة لأجل الوصل. وقرأه أبو جعفر بهمزة وصل على أن همزة الاستفهام محذوفة.
والكلام ارتقاء في التجهيل ، أي لو سلمنا أن الله اتخذ ولدا فلما ذا اصطفى البنات