[الفرقان : ١٧] الآية.
وضمير (عَلَيْهِ) يجوز أن يكون عائدا إلى اسم الجلالة في قوله : (لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللهُ) [الصافات : ١٥١ ، ١٥٢] أو في قوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ) [الصافات : ١٦٠] ، ويجوز أن يعود إلى (ما تَعْبُدُونَ) بمراعاة إفراد اسم الموصول وهو (ما).
وحذف مفعول «فاتنين» لقصد العموم. والتقدير : بفاتنين أحدا ، ومعياره صحةالاستثناء في قوله : (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) فالاستثناء مفرغ والمستثنى مفعول (بِفاتِنِينَ). وحرف (على) يتعلق ب «فاتنين» إمّا لتضمين «فاتنين» معنى مفسدين إن كان الضمير المجرور بها عائدا إلى اسم الجلالة كما يقال : فسد العبد على سيّده وخلّق فلان المرأة على زوجها ، وتكون (على) للاستعلاء المجازي لأن تضمين مفسدين فيه معنى الغلبة. وإما لتضمينه معنى حاملين ومسئولين ويكون (على) بمعنى لام التعليل كقوله : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [البقرة : ١٨٥] ويكون تقدير مضاف بين (على) ومجرورها تقديره : على عبادة ما تعبدون ، والمعنى : أنكم والشياطين لا يتبعكم أحد في دينكم إلا من عرض نفسه ليكون صالي الجحيم ، وهذا في معنى قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر : ٤٢ ، ٤٣].
ورسم في المصحف (صالِ الْجَحِيمِ) بدون ياء بعد اللام اعتبارا بحالة الوصل فإن الياء لا ينطق بها فرسمه كاتب المصحف بمثل حالة النطق ، ولذلك ينبغي أن لا يوقف على (صالِ).
[١٦٤ ـ ١٦٦] (وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦))
فيجوز أن يكون عطفا على قوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ)[الصافات : ١٦٠] على أول الوجهين في المعنيّ بعباد الله المخلصين فيكون عطفا على معنى الاستثناء المنقطع لأن معناه أنهم ليسوا أولاد الله تعالى ، وعطف عليه أنهم يتبرءون من ذلك فالواو عاطفة قولا محذوفا يدل عليه أن ما بعد الواو لا يصلح إلا أن يكون كلام قائل. والتقدير : ويقولون ما منّا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصّافون وإنّا لنحن المسبّحون ، وهذا الوجه أوفق بالصفات المذكورة من قوله : (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) وقوله : (الصَّافُّونَ الْمُسَبِّحُونَ) : الشائع وصف الملائكة بأمثالها في القرآن كما تقدم في أول السورة وصفهم بالصّافّات ،