(فَاعْبُدِ اللهَ) ا ه. ونقل عنه أنه كتب في «حاشيته على الإيضاح» هنالك قوله : (لا دليل فيه على الحصر فإن المعبودية من صفاته تعالى الخاصة به ، فالاختصاص مستفاد من الحال لا من التقديم) ا ه.
وهو ضغث على إبّالة فإنه لم يقتصر على منع دليل شهد به الذوق السليم عند أئمة الاستعمال وعلى سند منعه بتوهمه أن التقديم الذي لوحظ في مقام يجب أن يلاحظ في كل مقام ، كأنّ الكلام قد جعل قوالب يؤتى بها في كل مقام ، وذلك ينبو عنه اختلاف المقامات البلاغية ، حتى جعل الاختصاص بالعبادة مستفادا من القرينة لا من التقديم ، كأن القرينة لو سلم وجودها تمنع من التعويل على دلالة النطق.
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣))
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ)
استئناف للتخلص إلى استحقاقه تعالى الإفراد بالعبادة وهو غرض السورة وأفاد التعليل للأمر بالعبادة الخالصة لله لأنه إذا كان الدين الخالص مستحقا لله وخاصّا به كان الأمر بالإخلاص له مصيبا محزّه فصار أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بإخلاص العبادة له مسببا عن نعمة إنزال الكتاب إليه ومقتضى لكونه مستحق الإخلاص في العبادة اقتضاء الكلية لجزئياتها. وبهذا العموم أفادت الجملة معنى التذييل فتحملت ثلاثة مواقع كلها تقتضي الفصل.
وافتتحت الجملة بأداة التنبيه تنويها بمضمونها لتتلقاه النفس بشراشرها وذلك هو ما رجّح اعتبار الاستئناف فيها ، وجعل معنى التعليل حاصلا تبعا من ذكر إخلاص عام بعد إخلاص خاص وموردهما واحد.
واللام في (لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) لام الملك الذي هو بمعنى الاستحقاق ، أي لا يحقّ الدين الخالص ، أي الطاعة غير المشوبة إلا له على نحو (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢]. وتقديم المسند لإفادة الاختصاص فأفاد قوله : (لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) أنه مستحقه وأنه مختص به.
والدين : الطاعة كما تقدم. والخالص : السالم من أن يشوبه تشريك غيره في عبادته ، فهذا هو المقصود من الآية.