خاص بالمشركين ، وأما المسلمون فقد استعاذ لهم منه الرسول صلىاللهعليهوسلم حين نزل : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) كما تقدم في سورة الأنعام [٦٥] ، ومن العذاب عذاب الآخرة وهو جزاء الكفر والكبائر.
وهذا الخطاب يأخذ كل فريق منه بنصيب ، فنصيب المشركين الإنابة إلى التوحيد واتّباع دين الإسلام ، ونصيب المؤمنين منه التوبة إذا أسرفوا على أنفسهم والإكثار من الحسنات وأما الإسلام فحاصل لهم.
والنصر : الإعانة على الغلبة بحيث ينفلت المغلوب من غلبة قاهرة كرها على القاهر ولا نصير لأحد على الله. وأما الشفاعة لأهل الكبائر فليست من حقيقة النصر المنفي وهذه الفقرة أكثر حظ فيها هو حظ المشركين.
(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥))
(أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ) هو القرآن وهو معنى قوله : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) [الزمر : ١٨]. والحظ للمشركين في هذه الآية لأن المسلمين قد اتّبعوا القرآن كما قال تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) [الزمر : ١٧ ، ١٨].
و (أَحْسَنَ) اسم تفضيل مستعمل في معنى كامل الحسن ، وليس في معنى تفضيل بعضه على بعض لأن جميع ما في القرآن حسن فهو من باب قوله تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف : ٣٣].
وإضافة (أَحْسَنَ) إلى (ما أُنْزِلَ) من إضافة الصفة إلى الموصوف.
والعذاب المذكور في هذه هو العذاب المذكور قبل بنوعيه وكله بغتة إذ لا يتقدمه إشعار ، فعذاب الدنيا يحلّ بغتة وعذاب الآخرة كذلك لأنه تظهر بوارقه عند البعث وقد أتاهم عذاب السيف يوم بدر ويأتيهم عذاب الآخرة يوم البعث.
[٥٦ ـ ٥٨] (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨))