والقول في الأفعال الماضوية في قوله : (وَأَشْرَقَتِ) ، (وَوُضِعَ) ، وجاء ، (وَوُفِّيَتْ) كالقول في قوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) [الزمر : ٦٨].
[٧١ ـ ٧٢] (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢))
هذا تنفيذ القضاء الذي جاء في قوله : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) [الزمر : ٦٩] وقوله : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) [الزمر : ٧٠] ، فإن عاقبة ذلك ونتيجته إيداع المجرمين في العقاب وإيداع الصالحين في دار الثواب.
وابتدئ في الخبر بذكر مستحقي العقاب لأنه الأهم في هذا المقام إذ هو مقام إعادة الموعظة والترهيب للذين لم يتعظوا بما تكرر في القرآن من العظات مثل هذه فأما أهل الثواب فقد حصل المقصود منهم فما يذكر عنهم فإنما هو تكرير بشارة وثناء.
والسّوق : أن يجعل الماشي ماشيا آخر يسير أمامه ويلازمه ، وضدّه القود ، والسوق مشعر بالإزعاج والإهانة ، قال تعالى : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) [الأنفال : ٦].
والزّمر : جمع زمرة ، وهي الفوج من الناس المتبوع بفوج آخر ، فلا يقال : مرت زمرة من الناس ، إلّا إذا كانت متبوعة بأخرى ، وهذا من الألفاظ التي مدلولها شيء مقيّد. وإنما جعلوا زمرا لاختلاف درجات كفرهم ، فإن كان المراد بالذين كفروا مشركي قريش المقصودين بهذا الوعيد كان اختلافهم على حسب شدة تصلبهم في الكفر وما يخالطه من حدب على المسلمين أو فظاظة ، ومن محايدة للنبي صلىاللهعليهوسلم أو أذى ، وإن كان المراد بهم جميع أهل الشرك كما تقتضيه حكاية الموقف مع قوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ) كان تعدد زمرهم على حسب أنواع إشراكهم.
و (حَتَّى) ابتدائية و (إِذا) ظرف لزمان المستقبل يضمّن معنى الشرط غالبا ، أي سيقوا سوقا ملازما لهم بشدته متصل بزمن مجيئهم إلى النار.
وجملة (فُتِحَتْ) جواب (إِذا) لأنها ضمنت معنى الشرط وأغنى ذكر (إِذا) عن الإتيان ب ـ (لمّا) التوقيتية ، والتقدير : فلما جاءوها فتحت أبوابها ، أي وكانت مغلقة لتفتح في وجوههم حين مجيئهم فجأة تهويلا ورعبا.